رواية ندوب الهوى بقلم ندا حسن كاملة
وخرج من الغرفة دون أن ينظر إليها
أسرعت خلفه حاملة الفستان بيدها لتغلق الباب خلفه ثم وقفت وراءه تضع يدها على موضع قلبها وتستمع إلى دقاته والابتسامة على محياها تتسع أكثر وأكثر لقد رأت لهفته في التقرب منها رأت حبه لها في حديثه وأفعاله صدقه في كل ما يفعله
لو كان ما يحدث لها بين يوم وليلة حلم لن تحزن فقط لأنها عاشت معه ما تريده وتتمناه إلى الآن
خرجت بعد قليل وهي ترتدي منامة حريرية لونها وردي بنطالها طويل وبلوزتها بنصف كم وعقصت خصلاتها للخلف خرجت لتراه يجلس في الصالة منتظر انتهائها وقف على قدميه بعد أن رآها وحاول أن يبدو طبيعيا وتحدث قائلا بنبرة رجولية هادئة
أشار بيده على ناحية المرحاض لتذهب إليه دون خجل منه حاولت جاهدة في فعل ذلك لتنجح في النهاية ولم تستخدم يدها في الضغط عليهما
خرجت بعد دقائق وعادت إلى الغرفة معه وارتدت إسدال لونه أسود
بحجابه للصلاة به كان معه اثنين من سجادة الصلاة فرش الأرض بواحدة وهي تعدل من حجابها ثم وضع الأخرى خلفه في اتجاة القبلة وأشار إليها ليبدأ الصلاة بها
استدار بجسده ملتفا ناحيتها بعد الانتهاء ناظرا إليها بحب وشغف يظهر على وجهه وكل عضو به وضع يده اليمنى بحنان فوق رأسها بعد أن أخذ نفسا عميقا ثم أخذ يردد بنبرة خاڤتة
ابتسمت له بعد أن أبعد يده عنها وأطالت النظر داخل عينيه تبادلة نظرته العاشقة الصامتة تبادله حبه دون الاعتراف المجرد من الأفعال الملموسة
هتفت بصوت خاڤت وهي تنظر إليه دون أن تحيد عينيها عنه مثل السابق وهي تغض بصرها عنه
جعان صح اجبلك أكل
أنا فعلا جعان جعان أوي يمكن من أربع سنين
نظرت إليه باستغراب كيف هو جوعان منذ أربع سنوات! لابد أنه يمزح ولكن ملامح وجهه تقول عكس ذلك أبعدت تفكيرها عن عقلها الآن وهي تراه يميل عليها
وضع يده الاثنين خلف رأسها وفي تلك اللحظات وجد عنوانها الاستسلام التام أمام مروره عليها بحبه وقبلته التي حرم نفسه منه ومن فعل أي شيء آخر حتى ولو كان حديث عابر ليناله برضا الله وحلاله ليكن في النهاية حلال يتفاخر به وينعم به أكثر وأكثر وليشعر بالسعادة وهو يحصل عليه وبينهما مودة ورحمة من الله عليهم بها
يتبع
ندوبالهوى
الفصلالحاديعشر
نداحسن
ليلة العرس كانت من أطول الليالي التي مرت عليهما معا ومن أجمل الليالي وأسعدها بفضل وكرم من الله ليلة طويلة عاشت بها كثير من اللحظات السعيدة بجواره متناسيه أنه إلى الآن لم ينطق بحبها بل استمعت بقلبها هذه الكلمات في تصرفاته وأفعاله ونظراته لها
ارتوى جاد أخيرا بوجودها جواره أربع سنوات يعشقها في الخفاء منتظرا أن يأتي الوقت المناسب للبوح بما داخله ناحيتها وها هو قد أتى
ليروي اشتياقه وحنينه وليظهر شغفه وحبه لها عبر أفعاله ونظراته التي تتحدث بالنيابة عنه وترسل إليها كلمات الغرام دون مجهود وتتلقاها بفرحة عارمة
ليلة عاشوا بها معا ينعمون بحلال الله ويستمتعون به أكثر من أي شيء آخر ينعمون بأفضل اللحظات بينهم بفضل من الله الذي سهل لهم طريق الحلال لأنهم أرادوا السير به
قبل اذان العصر في صباح اليوم التالي
وقفت نعمة وابنتها مريم أمام باب شقة هدير و جاد في المنزل المقابل لهم ومعهم والدته صاحبة الوجه الضاحك البشوش ابتسمت والدتها وهي تضع إصبعها السبابة على الجرس بجوار الباب وتحدثت لوالدته بحرج
والنبي زمانهم نايمين يا أم جاد كنا جينا بالليل ياختي
تقدمت والدته منها ثم وضعت إصبعها مرة أخرى على جرس الباب وهي تتحدث هاكمة
نايمين دا ايه لأ يصحوا بقى
أردفت مريم بسخرية وهي تبتسم تبادل والدته فهمية بتهكم
إحنا في العصر يا ماما هيفضلوا نايمين ل بالليل يعني
ضغطت والدتها بأسنانها على شفتيها بحركة شعبية وهتفت بحدة وضجر مستنكرة حديث ابنتها
ايش فهمك أنت اسكتي
أجابتها والدته فهيمة مرة أخرى بجدية وهي تضع الاكياس التي بيدها على الأرضية أمام الباب
عندهم ياختي وقت قدامهم طويل يناموا براحتهم
عادت نعمة إلى الخلف بظهرها لتستند إلى الحائط وقالت باستنكار وداخلها تود العودة حتى لا تقلقهم
وإحنا يعني هنناهم على نومه بالله الاسطى جاد هيقوم يكروشنا
استنكرت والدته الحديث وهتفت بحدة مكرره كلمتها ثم تساءلت بجدية
يكروشنا! يكروشنا ده ايه يا أم جمال ما أنا عايزه اطمن على هدير بنتي مش بنتي ولا ايه
تقدمت منها بجدية وهي تنفي سريعا مقدرة ذلك الحب الذي بداخلها لابنتها
لأ ياختي بنتك ونص وتلت تربع كمان
ضغطت مرة أخرى بحدة على الجرس لوقت طويل وهي تهتف بحنق وضيق من تأخره
الله ما تقوم بقى يا واد كل ده نوم
بينما في الداخل كان جاد في غرفة النوم متعمق في نومه ولا يشعر بأي شيء يحدث بالخارج منذ يومان وهو ينام بتقطع ولم يستطيع أن يحصل على الكفاية من نومه وبالأمس ليلته كانت طويلة ولم ينم إلا في الصباح فاستغل ذلك الوقت لينعم ببعض الراحة والهدوء في فراشه جواره زوجته التي كان يحت ضنها بيده يضعها أسفل رأسها والأخرى ممده جواره على الفراش وقابلته هي بيدها التي كانت على صدره تنام وكأنها لم تنم من قبل في منزلهم ومن يراها يشعر وكأنها معتادة على مثل ذلك الوضع منذ زمن
تململ جاد بانزعاج وداخل أذنيه يستمع إلى صفير حاد يقلقه وهو نائم ابتلع ما وقف بحلقه لتتحرك تفاحة آدم بعنقه وهو مغمض العينين وقارب على أن يفتحهما ويستفيق ولكن صوت الصفير اختفى من أذنه فرفع يده الممده جواره وأحاط بها زوجته ليكمل نومه
مرة واحدة انتفض من مكانه جالسا بعدما استمع إلى الصوت بقوة دائمة ميزه سريعا! إنه صوت جرس الباب وهناك من يضع يده عليه ولا يريد تركه حتى أنه أزعج أذنيه ورأسه
نظر جواره ليرى هدير تحاول الجلوس على الفراش وهي تفتح عينيها بصعوبة بعدما ازعجها ذلك الصوت البغيض
وقف على قدميه سريعا وهو يمسح على وجهه متمتما بالاستغفار بصوت عال أثناء توجهه إلى الخزانة ليأخذ منها ملابس يرتديها على هذه الملابس الداخلية التي من المؤكد لا تليق بأن يفتح بها الباب
ليس من طباعه التعصب بهذه السرعة أو أن يتحدث عن أحد بالسوء ولكن حقا من يقف على الباب لا يعرف للاحترام طريق أنهم الآن يريدون أن ينعموا ببعض الهدوء والراحة ولم يفتحوا من المرة الأولى إذا ارحلوا!
نظر إليها وهتف بضجر بعد أن ارتدى بطال أسود بيتي وقميص أبيض يعلوه من القطن
هشوف مين الرزل ده وارجعلك
أومأت إليه ومازالت لم تستيقظ من نومها بالأصل أنها تجلس على الفراش وتستند بظهرها إلى ظهره
في محاولة منها بأن تفتح عينيها وتستوعب ما يحدث ولكن وكأنها لم تنم من قبل!
فتح جاد الباب حتى قبل أن يغسل وجهه وعليه علامات الانزعاج ليرى من ذلك البغيض الذي يأتي إليه الآن وعندما رأى المزعج صمت ولم يتحدث غير بالترحاب والابتسامة العريضة لهم ليدلفوا إلى الداخل وهتفت والدته بخبث وهي تعبث معه
صباحية مباركة يا حبيبي بس ايه يسطا جاد أنت منمتش قبل كده ولا ايه ولا تكونش العروسة حطيتلك واحدة منوم
أغلق جاد الباب وحك مؤخرة رأسه وكرمش ملامح وجهه بحنق وخجل وهو لا يدري ما الذي يقوله لوالدته الآن
لأ بس أصل أصل كنت جوا في الاوضه ياما والباب مقفول مسمعتش
رفعت حاجبها إلى الأعلى واخفضته مرة أخرى وهي تنظر إلى والدة هدير ضاحكة وتعلم أنه ېكذب ولكنها لا تريد أن تخجله أكثر من ذلك
آه قول كده
أردفت والدتها نعمة وهم يدلفون إلى داخل الشقة باتجاه الصالون قائلة بابتسامة وحب
صباحية مباركة يا ابن الأصول
الله يبارك فيكي
ابتسمت مريم بوجهه هي الأخرى وهتفت بابتسامة عريضة
ألف مبروك يسطا جاد
بادلها الابتسامة والمودة قائلا
الله يبارك فيكي عقبال يا مريم
مرة أخرى تحدثت والدته متسائلة بعدما
جلس الجميع في غرفة الصالون
اومال فين العروسة مش هنشوفها ولا ايه اوعى تكون عملت فيها حاجه!
استند جاد بيده على الحائط أمامها وتحدث بجدية وانزعاج وهو يدري أن والدته تريد أن تعبث معه ولكن لا يجوز أن يكون بهذه الطريقة المخجلة
هعمل فيها ايه بس يا حجه وبعدين خفي عليا شوية ها خفي
استدار وتركهم يجلسون ثم سار ليذهب إلى غرفة النوم وهتف بهدوء أثناء ذهابه
هروح أشوفها واجي
أبتعد عنهم إلى الداخل وتركهم يضحكون عليه بعد أن احرجته والدته بحديثها هذا
فتح باب الغرفة ودلف إليها ثم أغلقه خلفه مرة أخرى بهدوء نظر ناحية الفراش ليراها وجدها مثلما تركها عندما خرج بل أنها الآن نائمة على جانبها الأيسر خصلاتها خلف ظهرها وهناك بعض منهم تمردوا ليستقروا أمام وجهها وعينيها مغمضة فوقها غطاء خفيف تخطي به جسدها
ابتسم جاد بحنان وتقدم منها وجلس جوارها على الفراش ثم وضع يده عليها برفق وأخذ يحرك جسدها بخفه لتستفيق
هدير! يا وحش اصحى ومتفضحناش بقى
فتحت عينيها ببطء لتظهر من خلفها تلك العسلية القابعة داخلهما ونظرت إليه وهي تعتدل في نومتها على ظهرها وتمسح بيدها على وجهها ثم تعيد خصلاتها للخلف لتراه ينظر إليها بهيام وشغف قائلا بصوت حنون خاڤت
دا يا محلا الجواز بقى لو هقوم كل يوم الصبح وأشوف الوش القمر ده
نظرت إليه مبتسمة بسعادة غامرة بعد كلماته المغازله لها وكادت أن تتحدث لتجده يتساءل بحنان يترقب إياها
في حاجه بټوجعك أو تعبانة
أومأت إليه بالنفي على استحياء واخفضت وجهها بخجل متذكرة أنه أصبح زوجها حقا بعد ليلة أمس ثم حاولت الاستفاقة من غيبوبة النوم هذه وهي تبعد هذه الأفكار عنها الآن هتفت بنعاس قائلة
مين كان بيخبط
ابتسم بسخرية وهو يتقدم منها في جلسته يلتقط كف يدها بيده ويضغط