الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية ميراث الندم للكاتبة امل نصر

انت في الصفحة 10 من 82 صفحات

موقع أيام نيوز


عشان يشوفوا الأرض ويلفوا على بجية الشباب اصحابهم كان نفسهم ياخدوا حجازي معاهم بس هو مرديش 
اطرق عبد المعطي وقد اعتلى تعابيره التفهم والتأثر لحال حفيده الذي ما زال غاضبا منه ويصر على تراجعه في قرار المنزل
هتفت هويدا لتخرج أبيها من شروده
يا للا يا بوي عشان تاكلك لجمة تشج بيها ريجك
قالتها واقتربت لتساعده على النهوض بالإستناد عليها مخاطبة والدتها

وانتي ياما هاتي صحن المخلل لجل ما نفتح نفسه
تحركت سکينة لتأتي بالطبق وخطا عبد المعطي بمساعدة هويدا التي أجلسته ليفترش الأرض وجلست جواره ولسانه يتمتم لها بالأدعية كعادته والثناء على تربيتها الصالحة في التخفيف عنه ونيل رضاه عنها هي وأبناءها أيضا 
ربنا يرضى عنك ويراضيكي يا بتي كيف ما انتي دايما كدة مريحاني وبتراعي خاطري 
ربتت على كفه بابتسامة رضا
ويخليك لينا وما يحرمنا منك ابدا يا بوي 
ويعني احنا هنجعد فيها نخلد
غمغم بها بابتسامة ساخرة قبل أن يتناول منها قطعة الخبز
التي اقتطعتها له بيدها لتشرع معه وقد انضمت معهما سکينة في تناول وجبة الإفطار
لكن وقبل انتهائهم منها صدح صوت جرس المنزل لتنهض هويدا وترى من الطارق والتي كانت الزوجة الأخرى لشقيقها شربات تسحب من خلفها ابنها الأكبر مالك
ازيك يا هويدا عاملة ايه
رمقتها بريبة قبل ان تجيب تحيتها وترحب باستقبالها على مضض
زينة يا شربات والحمد لله اتفضلي يا ستي عامل ايه انت يا واد
توجهت بالاخيرة نحو مالك الذي دلف خلف والدته بصمت واجم ورد يجيبها بفتور
اهلا يا عمة
اهلا يا عمة 
غمغمت بها مرددة باستهجان تغاضت عنه بعد ذلك وهي تدلف خلفهم بعد اغلاقها للباب وبداخله تخمن سبب الزيارة الغريبة 
القت شربات تحيتها الفاترة على والد زوجها ووالدته قبل أن تجلس مقابلهم وبجوارها ولدها الذي تكتف بذراعيه متحفزا تبادرهم الحديث بمسكنة
انا جيالكم من ورا فايز دا حالته ما يعلم بيها غير ربنا لحد دلوك ما مصدج معجول يا عم انت تظلم ولدك وتفرخه من ورثة البيت كيف يعني أكيد الكلام ده في سر انا من ساعته بجوله عمي لا يمكن يعمل حاجة زي دي تغضب ربنا منه دا الا الا الظلم الا الظلم 
تغضن وجه عبد المعطي پغضب مكبوت يكبح جماح صب لعناته والسباب على هذه الافعى التي تبث سمومها غير مراعية لوجود ابنها بينهم فجاء الرد من هويدا
هو مين دا اللي ظلم ما تخلي بالك يا مرة اخوي انتي جاية تشكري في الراجل ولا تشتميه ابوي ما موزعش الورث ولا حرم ولده منه كل اللي عمله هو عطية اداها لحفيده اللي مربيه لجل ما يحميه من غدر جوزك ولا انتي فاكرة ان احنا معرفينش بعمايلكم دا صدجي سليم مجهز الخريطة وتصميم البرج اللي كان عايز يبنيه بمجرد بس جوزك ما يحط يده ع البيت بعد ابوي ما ېموت 
امتقعت ملامحها واحتدت عينيها تطالعها بشرر صائحة
وفيها ايه يعني لو كان دا صح زي ما بتجولي ما هو حجه يعني يتصرف فيه زي ما يحب دا حجه اللي انتوا كلتوه عليه وصغرتوه جدام الناس في المندرة بسببه 
جوزك هو اللي صغر نفسه 
هتفت بها هوايدة تنهرها أمام صمت والديها لتتابع مواجهتها بقوة
جوزك هو اللي معملش حساب لسنه لما اټهجم على ابوه بالكلام العفش وكان عايز يأذي ولده ابوي جصد يبلغه في مجلس الكبار عشان الكل يبجى شاهد عليه وهو ما شاء الله متوصاش 
صړخت شربات تدعي القهر علها
تسكت هذه الملعۏنة التي تفحمها برودوها
هما فعلا شهدوا بس شهدوا على الظلم ولا الحج بجى يدارى فيه كمان
لاه ما يدراش 
صدرت من عبد المعطي يقطع بها صمته الطويل قبل أن يتابع بتشديد
ولما انتي عارفة ان الظلم حرام معملتيش ليه بشرع ربنا ولا خۏفتي منه من ساعة ما اتلميتي على المتعوس ولدي وانت جفلتي عليه بالحنجل والمنجل ومنعتيه عن بت عمه مرته الأولى اللي ليها عليه حج ولده اللي رماه وماكنش حتى يطل عليه وهو عيان ما افتكرتيش مرة تفكريه بالكلمة دي ان الظلم حرام ولا انتي ما تشوفيش غير اللي على هواكي ويمشي مع مصلحتك وبس
برقت عينيها بشدة وجسدها ينتفص حرفيا بفرط انفعاله وهذا الرجل الكهل يبدوا كالجبل أمامها لا يهتز ثابت على موقفه بل ويصدها پعنف يوقفها عن التوصل لأي اتفاقية مرضية بمحايلتها 
احتجت بعدم تحمل تقلب الحديث لناحيتها
جول كدة كل اللي هامك بت اخوك تظلم ولدك وتحرمه من حجه عشانها وجبليها منعته ما يتجوز عليها في البيت عشان المحروسة ما تتأثرش ولا تزعل بعدته عنك وسيبته يأجر برا ويدفع الشيء الفلاني وفي الاخر برضوا مكفكاش
توقفت تطالع وجه سليمة التي أتت على صوت الصړاخ وخلفها ابنها وزوجته لتزيد بغليلها
كفر يا ناس عشان جال اتجوز اللي بيحبها واحدة كارها ومش جابل العيشة معاها تجبروه عليها بالعافية يعني
شربات لمي نفسك وجومي على بيتك 
هدرت بها هوايدة بحزم متابعة غير مبالية پصدمة الأخرى
أبويا جالها لجوزك امبارح اللي يخش البيت ده لازم يحترم صحابه وانت عارفه مين صحابه دلوك 
انتفضت في الاخيرة ناهضة لتسحب ابنها الذي ظل على صمته بملامح ساكنة لا تونبئ بأي شيء وهي تصرخ مولولة بالدعاء المقصود
حسبي الله ونعم الوكيل ربنا جادر يجيب حجنا هترحوا منه فين هتروحوا منه فين
ظل صوتها يصل لأسماعهم حتى بعد مغادرتها بفترة ليست بقليلة فقد كانت مستمرة بالدعاء غير ابهة بصورتها أمام البشر في الشارع ولا بسمعتهم 
زفر حجازي يخرج الهواء المحبوس بصدره يشيع جده بنظرات لائمة غير راضية مقررا فتح حديثه الحدي معه الان وزوجته من الخلف تمسح بيدها على عظام ظهره بحنو حتى يهدأ أما والدته فكتمت على ۏجعها بصمت اعتادت عليه 
وفي منزل الدهشان الكبير 
أستيقظت على حركته المتواصلة حولها بالغرفة 
لتتمطى على فراشها وتفرد بذراعيها للأعلى بصوت ناعس قبل أن ترفع رأسها بخمول ظاهر تتطلع إليه وقد
كان واقفا أمام المراة يمشط شعر رأسه بعد أن تحمم بنشاط كالعادة وبدل ملابس الببتيه لجلباب اسود لامع انعكس على هيئته ليزيده هيبة ورقي لا تنكر أنه يعجبها فهو من تحق له النساء ان تفتخر به بحق وهي تستحق أفضل الرجال 
هتفضلي بصالي كدة كتير 
صدرت منه قبل ان يتلف إليها ويلقي بالفرشاة بإهمال متابعا
الساعة دلوك داخلة على تمانية مش يدوبك بجى تشوفي ايه اللي وراكي 
عادت برأسها على الوسادة تقول بتكاسل
ويعني انا ايه اللي ورايا هروح الزرع مثلا ولا هحلب الجاموسة خليني أريح شوية حكم انا جسمي مكسر 
قالت الاخيرة بمغزى فهمه ولم يعجبه التلميح
تناول شاله الصوفي الصغير يلفه حول رقبته بعجالة قائلا
جومي يا فتنة وبلاها كسل مش هتحلبي جاموسة ولا هتسألي في فطار جوزك يبجى ع الأجل تشوفي بناتك ولا انتي ناسياهم دول كمان
نسياهم!
تفوهت بها ترددها باستهجان لتعتدل بمزاج تبدل متابعة
وهو في حد برضوا ينسى عياله ولا يعني عشان ما انا عايزة اريح شوية النهاردة الدنيا هتبوظ ما البيت مليان شغالين وهما اساسا اكيد تلاجيهم نايمين ولسة مصحوش ولو على فطارك اجوم يا سيدي احضره اها 
قاطعها على الفور يوقفها قبل أن تنزل بقدمها على الأرض ملوحا بكفه
لا وعلى ايه خليكي جاعدة ما تتعبيش نفسك انا اساسا نفسي جفلت 
قال الاخيرة بفظاظة استفزتها قبل أن يتحرك مغادرا الغرفة لتغمغم خلفه بغيظ
يا باي عليك ولا مرة يكمل معايا حاجة حلوة دا بدل ما يسمعني كلمتين حلوين بعد الليلة بتاعة امبارح 
مفيش فايدة 
تفوهت بالاخيرة لتسحب الغطاء عليها عائدة للنوم بعدم اكتراث
پغضب شديد واحتقان زاد بصدره حتى وصلت مرارته إلى حلقه هتف يخرج كلماته مشددا عليها لأنهاء المشكلة
الكلام دا مينفعش يا جد لحد كدة وكفاية حن عليك سيبني ارجع كل حاجة لوضعها انا نفسي جفلت ومعدتش متحمل 
تقبل انفعاله بهدوء شديد يسأله
مش متحمل ايه بالظبط صړاخ شربات ولا عمايل ابوك
كله يا جد 
صاح ليكمل بسخط
اديك شوفت بنفسك الفضايح اللي عملتها ولا عمايل ابويا اللي مخلاش مكان وراح اشتكانا فيه انا معدتش جادر احط عيني في عين حد حاسس الناس كلها بصالي ان انا اللي كلت حج ابويا طب وليه المرار دا يا بوي ما نفضها على كدة وشيل دا من ده يرتاح ده عن ده 
تدخلت عمته هويدا بصوت حازم
لا يا حجازي مفيش حاجة هتتشال تاني ولا تتحط البيت بجى
من نصيبك يا ولدي دا عطية جدك ليك محدش له دخل ولو على حكاية الناس اللي بتجول عليها دا شيء في دماغك انت وبس عشان كله مدي الحج لجدك ابوك عفش ولو لجي واحد بس يجف معاه مكنش استني انا عارفة وانت عارف الكلام دا زين اهدي يا ولدي وسيبك من المرة السو دي دي هي أس البلاوي اصلا
التف إليها يخاطبها بطاقة مستنزفة وألم ينخر بداخله تأثرا بالكلمات السامة التي القتها هذه الأفعي بقصد چرح مشاعر والدته
يا عمة تعبت انا راجل بحب اعيش في هدوء الحاجة اللي يجيني منها ۏجع الراس مش عايزها حتى لو كانت حجي 
ربت والدته على ركبته بدعم أما نادية فقد شعر بلمستها على عظام ظهره وكأنه تنقل اليه دفئها وحنانها فتغنيه بلمستها عن العالم أجمع فتدخلت سکينة بلهجة تشبه اسمها
يا غالي افهم بجى عماتك لما وافجوا وبصموا بالعشرة على جرار جدك مكنش كيد في اخوهم ولا افترا دول مضوا عشان يضمنوا انهم لما ياجوا هنا على البيت ده بعد جدك وجدتك ما يفارجوا ويسيبوا الدنيا 
بعد الشړ عليكي يا جدة بعد الشړ عليكم انتوا الاتنين 
صدرت بمقاطعة منه ومن زوجته ووالدته ايضا واستطردت سکينة شارحة
حتى لو كان شړ برضوا لابد منه بس احنا بنتكلم في اللي جاي يا ولدي البيت لما يبجى بإسمك هيفضل مفتوح لعماتك وعيالهم هيدخلوا بجلب مليان يا ولدي اما بجى لو سيبناه لابوك ف انت عارف زين جوي ان أول حاجة هيعملها انه هيبعوه ويهده حتى وعماتك وارثين معاه مش هيغلب وهيعمل اللي في مخه هتراضاه يا ولدي اتر جدك واسمه يتساوو بالتراب
ظهر على وجهه الاقتناع حتى وجم يناظرها بتأثر لتضيف على قولها هويدا
عرفت بجى يا ناصح كلمة جدك لما جالك مبيعملش غير للمصلحة يعني لينا كلنا 
اومأ برأسه بتفهم لرغبة جده وجدته الشديدة في الحفاظ على كرامة بناتهن وحقوقهن لعدم ثقتهم في فعل ابيه ولا زوجته الملعۏنة بعشق المال ثم ما لبث ان يرفع راسه بالتساؤل مرة أخرى حائرا
طب والظلم انا خاېف نبجى كدة بنظلمه 
ابتسامة جانبية مريرة غزت الملامح المجعدة لعبد المعطي وهو يجيبه بنتهيدة قانطة حملت بداخلها الكثير من الأسى وخيبة الأمل في انصلاح ابنه الوحيد والذي أجبره على هذا الفعل ربما يأتي في يوم ما ويستقيم يعلم
جيدا أن حفيده لن يتأخر عنه وقتها
لو فيها ظلم صح
 

10  11 

انت في الصفحة 10 من 82 صفحات