الأربعاء 04 ديسمبر 2024

رواية ميراث الندم للكاتبة امل نصر

انت في الصفحة 100 من 181 صفحات

موقع أيام نيوز


احتل هو مقعده في الخلف بعد عودته من زيارة هامة لأحد نواب مجلس الشعب في البلدة المجاورة للتفاوض معه على إحدى الأمور الهامة بمصالح العائلة هناك قبل سفره وقد تمكن من الانجاز معه في وقت قياسي بفضل الخبرة التي اكتسبها من جده في مرافقة الكبار فلابد من الاحترام المتبادل وألا يستهين بأحد مهما كان وضعه 

رجل العائلة هذا اللقب الذي حصل عليه من الجد الأكبر حينما قرر ان يخلفه في تحمل المسؤلية من بعده متحديا الجميع وقد نجح هو في اثبات جدارته ليخمد للأبد كل الاصوات التي كانت معارضة له في البداية 
أما عنه! ف أين هو أين نصيبه من الحياة فما فائدة الهيبة مع التعاسة وما فائدة الترف المادي مع فقر الحظ ليته ما قبل بقرار الجد ليته ما وقع عليه الاختيار من الأساس ليته اكتسب نفسه وسعادته حتى لو كان فاشلا امام الجميع 
قطع حبل افكاره فجأة منتبها على خروج إحدى النساء من الباب الخلفي للمنزل الكبير لفت انظاره سرعتها في العدو واضطراب خطواتها حتى شك في شخصيتها
بسيوني مش هي دي البت نفيسة برضوا ولا انا خربطت
بنظرة واحدة منه عرفها الأخير ليجيبه بتأكيد
لا طبعا يا كبير مخربطش هي نفسها مضړوبة الډم بعرجوب رجلها الناشف ودي حد ما يعرفهاش برضوا
تلاجيها جاية تطلب حسنة ولا حاجة
تطلب حسنة!
غمغم غازي باستغراب داخله
وايه اللي يخليها تطلع من الباب الوراني للبيت مش مكديها الباب الكبير اما عجايب دي والله 
في طريقه نحو باب المنزل الداخلي تفاجأ بها اتية أمامه من الجزء الخلفي للمنزل تحمل بيدها ابنها الذي كانت مندمجة في مداعبته او المزاح لا يعلم ولكنها كانت تضحك بملئ فمها حتى ان
وجهها البيضاوي كان مشرقا ونضرا وجميلا بصورة مؤلمة وهو لا ينقصه 
استجمع قوته من الداخل ليكمل طريقه محددا الهدف دون الالتفاف يمينا أو يسارا فقد اتخذ القرار وانتهى ليعود الى حياته مكتفيا بنصيبه مع زوجة فرض عليه إكمال حياته معها بفضل الرابط الواحيد الذي يجعله مواصلا فتياته الصغار فليضحي براحة البال من أجلهن 
تخطى وكاد ان ينجح ولكن وبوسط المسافة وصله صوت الصغير الذي تعلم حديثا بعض الكلمات على يديه
عمو يا عمو خازي 
توقفت قدميه دونا عن ارادته عقله يأمره بالتحرك ولكن قلبه فرض القرار على باقي اعضاء الجسد ليلتف نحو الصغير متجنبا النظر إلى والدته والتي اضطرت لإنزال ابنها الى الارض بعدما اجبرها على ذلك بمحاولاته العديد في التملص حتى يركض نحوه وقد فتح له الاخر ذراعيه في دعوة تلقفها الصغير كالعادة وبكل ترحاب 
حينما سمع بصوت فتح وغلق باب الاستراحة يعلم الله كم الجهد الذي بذله ليعاملها بهذا البرود ولكنه مع التدريب المستمر سوف ينجح لابد له أن ينجح 
جلس بالصغير متربعا على الأرض أسفل إحدى الشجيرات الكبرى بجانب السور غير عابئا بمظهره ولا بتغبر ملابسه الباهظة يتحدث معه وكأنه يفهمه
بس انت ملكش دعوة يا معتز انتي حبيبي وصاحبي وانا لو خلفت عشر ولد هتبجى انت اغلاهم سامعني يا باشا اغلاهم 
حتى وبرغم مرور يومين على مجيئه ما زال المنزل مزدحم بالأفراد من البشر التي تأتي وتذهب دون توقف للتهنئة بعودته لقد تمكن من الخروج بصعوبة منذ ساعات والان لا يعلم كيف له يدخل بحالته المزاجية السعيدة هذه لينغص على نفسه بتحمل هذا او ذاك من مدعي المحبة الجديدة عليه لذلك تحركت قدميه على الفور وبدون تردد ليدلف المنزل من الباب الأخر 
بفمه كان يصفر انغاما لأغاني يعشقها يضع كفيه في جيبي بنطاله وكأنه عاد مراهقا ابن الثامنة عشر
اول مرة تحب يا قلبي هي دي اول مرة برضوا يا عمر
عقبت بها جميلة ضاحكة وقد فهمت على كلمات اللحن الذي كان يدندنه لتنهض عن العمل الذي كانت تقوم به في تنظيف الطيور الذي تم ذبحها وسلقها بالماء الساخن لتجهيزها في وجبة الغداء
وتابعت بخبث غير ابهة بنظرات الفتيات من ابناء شقيقاتها الاتي كن يساعدن معها
ياريتها جات الطلعة الحلوة دي من اول ما وصلت عشان نشوف الوش المنور ده 
جلجل بضحكته حتى مالت رأسه للخلف ثم داعبها يلاعب حاجبيه أمامها بعبث جعلها تشهق فاغرة فاهاها بشغف لا تطيق الصبر على المعرفة فطالعته باستفهام تسأله بخفوت
ايه انا عايزة اعرف الأخبار 
هم ليزيد بمناكفتها ولكن اوقفه الصوت المفاجئ لهذه الفتاة التي اقټحمت منادية 
خالة جميلة انا جيبت فروجتين 
اجفل عمر برؤيتها امامه مباشرة تحمل بيدها دجاجتين مخاطبة شقيقته بلهفة وابصارها منصبة عليه
خليت الفرارجي وزنهم بالمظبوط عشان ميضحكش عليا في التمن 
بهت امام تحديقها المباشر به وتسمرها امامه حتى ود ان يسألها ان كانت تريد منه شيئا ولكن منعه تدخل شقيقته والتي اقتربت تتناول الدجاجتين مربتة على ذراعها بحزم
براوة عليكي يا هدير شاطرة يا حبيبتي روحي ياللا ساعدي البنتة هناكة عندينا عزومة كبيرة لناس حبايبنا جم عندنا
 

99  100  101 

انت في الصفحة 100 من 181 صفحات