الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية ميراث الندم للكاتبة امل نصر

انت في الصفحة 97 من 181 صفحات

موقع أيام نيوز


على الحائط من خلفه يطالعه بصمت في جلسة جمعتهما وحدهما بمندرة الحاج يامن والد عارف وشقيقان اخرين هما عبد الباسط وعبد البر
الحاج يامن وهو عم غازي الذي يتمتع ببعض الحكمة باختلاف تام عن سعيد والد فتنة وناجي والذي كان يطمع دائما في تولي الزعامة على العائلة فكان زواج ابنته من غازي بتخطيط من الجد الكبير وقد كانت مكتملة الصفات بالنسبة للجميع ولترضية ابنه القانط على تولي شاب صغير ما هو حق له 

عكس يامن والذي كان اهتمامه منصبا على التعليم والإصرار على اكمال شباب العائلة دراستهم بالكليات العليا كما فعل مع غازي وابنيه الآخرين وعارف الذي كان يتمعن النظر بابن عمه الان بشك جعله يسأله على الفور
غازي هو انت بتحب 
تلقى السؤال بفتور يجيب عنه
وايه فايدة اني ارد ع السؤال مدام مفيش أمل
وعلى عكس المتوقع جاء الرد من عارف بابتسامة خجلة في البداية ثم سرعان ما تحولت لضحكة صاخبة استفزت غازي لينهره بانفعال
خبر ايه شوفتني جولت نكتة جدامك ياك
رد عارف من بين ضحكاته التي لم تتوقف
اصل بصراحة كنت فاكر نفسي بس الوحيد اللي بجولها الجملة دي جبل ما اكتشف ان انت معايا في نفس الأمر 1 انا وانت فجر يا غازي 
اكمل مقهقها حتى اصاب الاخر بالعدوى ليشاركه السخرية على سوء الحظ الذي يتميزان به دونا عن الجميع 
حينما توقفا اخيرا جاء قول عارف مباغتا له
نادية بت عمك هريدي صح
اجفل ليعتدل بجلسته متحفزا باستفهام
ايه اللي جاب سيرة اخت عزب في الموضوع خبر ايه يا عارف ماتخلي بالك 
ردد عارف مؤكدا له بتقرير
أخلي بالي من ايه دا انا شوفت نظرتك ليها المرة اللي فاتت وفهمت لوحدي الحاجات دي متخفاش على واحد زيي يا عم الحج خصوصا مع شخصية زي شخصيتك دوغري ولا ليك في البص ع النسوان ولا حتى كان عندك تجارب عشان تاخد بالك 
لم يعد هناك جدوى للنكران فصديق روحه عارف كان اقرب الأشخاص له قديما وما زال أكثرهم تفهما له رغم ابتعاده عنه لفترة تعدت السنوات توقف قليلا بتردد قبل ان يقر باستسلام
لكنها مبتحبنيش يا عارف ولا عمرها هتبصلي انا شوفت وسمعت بنفسي رأيها فيا مهما اتكلمت ولا جولت مش هجدر اوصفلك خيبة الأمل اللي حسيت بيها 
لم يكن في حاجة للتفسير أكثر من ذلك فقلب عارف المعذب والذي يتلوى بڼار العشق من طرف واحد على مدار سنوات عمره فهو اقدر الناس على التجاوب معه 
ما تلومهاش يا غازي حتى لو سمعت وشوفت بنفسك ما تلومهاش انا عارفك ومجدر اللي انت فيه بس مكدبش عليك يا واد عمي حاسك متسرع ومندفع في الموضوع ده رغم ان دي طبيعتك على فكرة بس في الحاجة دي بالذات مينفعش معاها الكلام ده دا غير ان انت كمان 
متجوز ومخلف 
خرجت من غازي ليكمل على قوله
انت صح في كل كلامك يا عارف شكل كدة جلة التجارب زي ما بتجول هي فعلا اللي خلتني اندفع في مشاعري بس انا خلاص عرفت غلطي ورضيت بنصيبي حتى لو هو مش راضي بيا 
اطرق الاخير رأسه بأسف مخرجا زفرة محملة بالأسى على حال ابن عمه وهذه المرارة التي تقطر من كلماته لقد اوجع قلبه الموجوع من الأساس ليزيد عليه بقوله
بعدت عني ليه يا عارف كنت محتاجك جنبي جوي الفترة اللي بعدنا فيها دي انا لوحدي يا واد عمي رغم كل الزحمة اللي حواليا الراجل برضوا دايما محتاج راجل يجف جنبه دايما يشاوره ياخد رأيه واحنا الاتنين بنكمل بعض 
ابتسامة عزبة غزت ثغر الاخير ليعقب عليه
يا سيدي واديني رجعتلك من تاني ومدام الحال من بعضه يبجى اتلم المتعوس على خايب الرجا 
قالها ليعود للضحك مرة أخرى وغازي يشاركه ويتبادل معه النكات والحكايات الطريفة على المتعوسين من أمثالهم 
في اليوم التالي
خرجت بعادة اتخذتها منذ
شهور ولم تنقطع عنها ان تذهب كل يوم خميس في زيارة لقبر ابنها المرحوم تقرا من ايات الذكر الحكيم وتوزع الأقراص التي تقوم بصنعها بنفسها على الأطفال ثم تسقي النباتات التي قامت بزرعها بجواره 
ولكنها هذه المرة تفاجأت باخر شخص تتوقع رؤيته يحتل مكانها اليوم على البقعة التي تجلس بها
فايز 
التف برأسه نحوها وفمه يردد ببعض السور القصيرة التي ما زال يحفظها ثم عاد يندمج فيما يفعل كتمت هي بداخلها زفرة حانقة لتجلس في الناحية الأخرى تتجاهله عن عمد وتفعل روتينها المعتاد في هذه الأوقات 
حينما انتهت اخيرا وتوجهت للمغادرة وجدته يسير بجوارها يخاطبها 
عارفك مستغربة بس دي مش اول مرة على فكرة انا كذا مرة اجي هنا واقرا واترحم عليه زي ما شوفتي وبعمل كدة مع ابويا كمان اللهم يرحمه 
رمقته بملامح مغلقة ثم ما لبثت أن تتابع طريقها وكأنها لم تسمع شيء فتابع لها
اوعي تفكري ان انتي بس اللي زعلتي عليه لا يا
 

96  97  98 

انت في الصفحة 97 من 181 صفحات