رواية كاملة ورائعه للكاتبة ولاء رفعت كاليندا
له نفوذ وسيطرة حيث بإمكانه أن يؤذيه هو وعائلته دون أن يرف له جفن.
خرجت زينب من غرفة ابنتها متأففة وتحمل صينية الطعام التي لم ينقص من طعامها معلقة أرز واحدة.
_ شوف لك بقي يا محمد صرفه مع بنتك اللي رفعتلي ضغطي.
أجاب عليها بحزن وآسي
_ ما تضغطيش عليها يا زينب ناسيه لما خلتيها تاكل بالعافية جابت اللي في بطنها ووقعت من طولها كان عجبك منظرها وقتها
_ يعني عاجبك أنت لما علقنا لها محاليل إمبارح و كنت سامع الدكتور بنفسك لازم تاكل وتتغذي عشان ما ندخلش في حوارات ومستشفيات وإحنا مش ناقصين منها لله سحر العقربة هي وإبنها لولا معزة إسراء بنتها
بعتبرها زي بنتي كنت قولت اللهي يتردلها فيها.
رمقها زوجها بامتعاض وضجر وذهب ليري ابنته طرق
الباب فأتاه صوتها الواهن من الداخل
ولج إليها وأرتسم علي شفتيه ابتسامة قائلا
_ شمسي الجميلة عامله إيه النهاردة
نهضت من فراشها وجلست باعتدال
_ الحمدلله يا بابا.
_ تعرفي يا شمس يوم ما أتصلوا بيا في الشغل وقالوا لي ألحق مراتك جالها الطلق و بتولد قبلها كنت نايم علي المكتب وحلمت حلم جميل حلمت إن فيه راجل وشه كله نور لدرجة ماقدرتش أشوف ملامحه شايل علي إيديه طفلة
ابتسمت رغما عنها وقالت كأنها تعلم تلك القصة من قبل
_ عشان كده سمتني شمس.
قام بتقبيل رأسها وأجاب
_ اسم علي مسمي أنتي شمس شمسي اللي منورة حياتي و بنتي وقلبي هدية ربنا رزقني بيها و تاني يوم من ولادتك لاقيتهم منزلين ليا مكافئة و أترقيت درجة ده غير لما جيتي أتخطبتي وجيت أجهزك لاقيت ولاد حلال كتير وقفوا معايا في الأقساط فيه اللي خلالي القسط قليل وفيه منهم اللي مارضاش ياخد ولا مقدمة ولا زيادة وياخد القسط بنفس تمن الحاجة ربنا بيرزقني برزقك لدرجة جيت في مرة مع نفسي أستغفر الله العظيم قولت البنت دي لو أتجوزت هاتبعد عني والرزق ده هيبعد معاها ولما أستوعبت كلامي أستغفرت ربنا لأن طول ما بستغفره وظني بيه خير هايرزقني من غير حساب وهايكون معايا في كل محڼة.
_ ربنا يخليك ليا يا بابا وما يحرمنيش من حضنك أبدا.
امتلأت عيناه بالدموع وهو يجيب عليها ويشد من عناقها
_ ويبارك لي فيكي يا شمس حياة أبوكي يلا بقي عشان أنا ما فطرتش ولا أتغديت وقولت مش هاكل غير مع شمسي هي اللي بتفتح نفسي للأكل ها هتاكلي معايا ولا هاتخرجيني من الأوضة أقعد أبرطم زي أمك.
_ لاء طبعا هاكل معاك.
_ طيب قومي حضري لنا صينية أكل كده علي ذوقك عقبال ما أروح أتوضى وأصلي العصر.
_ ليه كده يا ماما حرام عليكي.
صاحت بها إسراء فأجابت والدتها پغضب
_ حرمت عليكي عشتك يعني كنتي عايزة أخوكي يتجوزها بعد عملة ابن السفوري فيها!
_ وأديكي شوفتي بعينيكي كان مغمي عليها والحيوان التاني كان بيعتدي عليها يعني مش ذنبها.
_ و ذنب أخوكي إيه ياخد واحدة سيرتها بقت علي كل لسان بصي بقي يابت أنتي عشان قلبي واجعني من كتر الكلام حسك عينك أشوفك بتتكلمي معاها ولا حتي تسألي عنها أنسيها خالص الواحدة فينا عايشه بسمعتها وشرفها و هي خلاص لا سمعة ولا حتي شرف ولا يعجبك لما أخوكي يكمل معاها ويفضل يتعاير باللي حصلها
أتسعت عينان ابنتها پصدمة من والدتها
_ أنا بجد مصدومه فيكي و لولا إنك أمي كنت قولت لك كلام مش هيعجبك.
صاحت الأخرى بها
_ أقسم بربي يا إسراء لو ما مشيتي وغورتي من وشي دلوقت لأديكي حتة علقة زي زمان وما هيحوشني عنك حد.
ولج كامل من باب المنزل قائلا
_ في إيه صوتكم جايب لآخر البلد
_ تعالي شوف بنتك اللي واقفه لي كأني عدوتها وبتعلي صوتها عليا وقال إيه عايزه تطول لسانها كمان.
زجرها والدها بنظرة مخيفة وأمرها
_ تعالي وطي علي إيد أمك وبوسيها وأتأسفي لها.
نظرت لأسفل بخجل وقالت
_ يا بابا والله ما أقصد كل اللي ماما قالتهولك أنا بس كنت بلومها علي مروحها عند شمس واللي قالته لمامتها الموضوع ده يقرره آبيه أحمد.
صاح والدها
_ وأمك أتصرفت صح أخوكي الله يكون في عونه أول يوم يخرج بره النهاردة ولو سمع ربع اللي بسمعه من الناس مش هيخرج من أوضته فاللي عملته أمك أحسن ليه وبكره يا سحر تروحي لمجيدة أختي ولمحي لها إن إحنا عايزين مروة لأحمد.
غرت إسراء فاها واتسعت عيناها من قرارات والديها الظالمة لصديقتها وإنهاء حب شقيقها الوحيد أجابت سحر
_ عين العقل يا حاج من النجمة هاروح أشتري لها زيارة و أروح لها بيها وأنتي يا مقصوفة الرقبة أبقي نامي بدري عشان هاتروحي معايا.
رمقتها ابنتها من أسفل لأعلي دون أن تتفوه لكن نظراتها تعبر عن كل السخط الذي بداخلها أطلقت زفرة بتأفف ودلفت إلي غرفتها ثم أوصدت الباب في وجههم.
تحمل زينب صينية صغيرة يعلوها كوبان من الشاي وضعتها أعلي الطاولة أمام زوجها وكادت تذهب لتكمل أعمالها المنزلية فأوقفها قائلا
_ تعالي أقعدي يا زينب عايزك في كلمة.
جلست علي كرسي مجاور له وسألته
_ خير يا محمد
أخرج من جيبه ظرف ورقي كبير و وضعه علي الطاولة نظرت له و سألته
_ إيه ده
أجاب
_ فلوس أدهالي صاحبي اللي قولت لك عليه عشان أروح أقوم محامي وأرفع قضية.
شحب وجهها وسألته بتردد
_ أنت خلاص قررت ترفع قضية
أجاب بتعجب من ردة فعلها
_ أومال عايزاني أخد حق بنتي إزاي أروح أقتل الواد وأدخل السچن وأسيبك أنتي وهي تتشردوا غير اللي
ممكن يعملوه فيكم
_ لاء مش قصدي بس لما جيت فكرت قضية يعني كل الدنيا هاتعرف.
أجاب عليها بنبرة حادة
_ علي أساس إن البلد كلها معرفتش! أوعي يكون حد لعب في دماغك وخۏفك منهم ولا حد هددك تبعهم
_ أبدا والله بس أديك شايف البت لسه خطوبتها متفشكله و نفسية بنتك اللي في النازل.
_ ما هو عشان كده هاعمل اللي قولت لك عليه يمكن لما يتسجن الكلب ابن حماد بنتك تبقي أحسن و أخليها تمشي في الشارع مرفوعة راسها بدل الكسرة
اللي في عيونها كل ما أبص لها.
تنهدت بقلة حيلة ثم قالت
_ كان مستخبي لينا فين ده ياربي! طول عمرنا في حالنا وقافلين بابنا علينا ولا لينا في شړ ولا في آذيه.
_ أستغفري ربنا يا زينب وأدعي له يفك كربنا بدل ما عماله تنوحي زي غراب البين كده.
نهضت بحنق
_ أخس عليك يا محمد أنا غراب! ربنا يسامحك.
_ ربنا يسامحنا جميعا أنا هاقوم أريح لي ساعة وبعدها هاروح للمحامي وهاشوف المطلوب إيه.
أوقفته قائلة
_ طيب ماتصبر شويه كده عقبال بس البت نفسيتها تتحسن شويه ما بالتأكيد المحامي هيطلب إنها تيجي معاك وتحكي له كل حاجة.
صمت وهو يفكر في الأمر ليجد لديها حق فقال
_ أنا عندي فكرة جهزي لها شنطة هدوم صغيرة كده هاخدها ونسافر بكرة عند أخواتي تقعد عند أخويا أهي تغير جو ونفسيتها تهدي وبعدها نروح مشوار المحامي.
رمقته بتهكم وقالت
_ وتفتكر بنتك نفسيتها هتهدي عند شوقية مرات أخوك
_ ومالها مرات أخويا يا أم شمس لسه برضو شايلة منها ما خلاص ده كان شيطان وراح لحاله والست اعتذرت لك وحبت علي راسك مفيش داعي نقلب اللي فات وياستي بنتك هتقعد مع بنت عمها يسلوا بعض ولو في أي حاجه هاروح هاخدها علي طول.
زمت شفتيها جانبا بسخط معقبة
_ أعمل اللي أنت شايفه بس والله لو بنتي حد قرب منها بأذي لتكون أنت المسئول قدامي وهانسي إن ليك أخوات.
وبدون أن يصيح أو يصب جام غضبه عليها رمقها بنظرة ڼارية ثم تركها وذهب إلي غرفة النوم.
ما زالت تمكث في غرفتها تجلس أمام المرآه تتأمل ملامحها التي تذبل مثل الزهرة المتروكة بلا ماء أو عناية بدأت الهالات السوداء تحيط ذهبتيها التي انطفأت من كثرة البكاء.
تفكر فيما حدث وما يحدث لها وأكثر ما يصدمها موقف الرجل الوحيد الذي أمتلك قلبها وكانت أيام معدودات وسيصبح مالكها قلبا وقالبا لكن القدر قد آبي إن يحدث هذا و الذي يشغل ذهنها لما لا يأتي بنفسه ويقول لها بذاته ما تفوهت به والدته هل أصبحت إلي هذا الحد شرذمة يخشي أن يقترب منها! أين الحب الذي كان يتلو عليها كلماته أينما يتحدث معها أو يراها! أين تلك الوعود الذي ألقاها علي مسامعها منذ أن تمت خطبتهما.
نهضت من أمام المرآه ودقات قلبها تسابق عقارب الثواني في سرعتها وفي عقلها سؤال واحد هل الانفصال رغبته هو أم هي رغبة والدته ذات الطباع الحادة
لم تشعر بنفسها وهي تمسك بالهاتف الذي أشتراه لها والدها بدلا من هاتفها الذي فقدته في الحاډث وبرغم خلوه من الأرقام لكن ما زالت ذاكرتها الفولاذية تحتفظ برقم هاتفه وبعد أن نقرت علي الاثني عشر رقما تراجعت عن الإتصال أدركها الخۏف وعقلها ېصرخ عليها بأن تكف عن تلك المحاولة الحمقاء بينما قلبها ليريح رغبته الملحة أتاها بفكرة أفضل وهي
إرسال رسالة نصية محتواها
أنا عارفة إن كل اللي ما بينا أنتهي بس ممكن أعرف حاجة واحدة بس و أوعدك من بعدها مش هاتشوفني ولا هاتسمع صوتي تانى أنت فسخت الخطوبة ولا ده ضغط عليك من أهلك
وآسفة علي الإزعاج
شمس
ضغطت إرسال قبل أن ترضخ لعقلها الذي ينهرها وتتراجع عن فعل ذلك.
بينما هو كان يجلس شاردا أمام الخزينة الإلكترونية ويقف أمامه مشتري يقول له
_ يا كابتن يا كابتن.
جاء زميله في العمل يلكزه في ذراعه لتنبيهه
_ رد علي الأستاذ يا أحمد.
أنتبه له وأعتدل في جلسته وقال معتذرا
_ معلش يا فندم.
أخذ المشتريات ليضع كل سلعة علي جهاز البار كود ويظهر له علي شاشة الحاسوب إجمالي أسعار كل ما أشتراه الرجل فقال
_ 350جنيه يا فندم.
أعطي الرجل إليه المبلغ ثم حمل الأكياس المطبوع عليها اسم وشعار المتجر فذهب لم تمر ثوان وجاء إليه إحدى العاملين قائلا
_ أحمد مستر عصام عايزك في مكتبه.
نهض أحمد وذهب إلي مكتب مديره طرق الباب ثم ولج إلي الداخل فوجده ينتظره وملامحه ينبلج عليها الانزعاج من رؤية ما حدث وقام بمشاهدته في شاشة المراقبة.
_ تحت أمرك يا مستر عصام.
_ الأمر لله يا أحمد أنا ندهت لك عشان أقولك لو أنت مش قادر علي الشغل قولي وأنا أديلك أجازة بس هاتكون مخصومة من مرتبك.
أجاب بإحراج
_ لاء يا فندم مش محتاج أجازات أنا بس اليومين اللي فاتو كان عندي ظروف وبلغت حضرتك وقتها.
زفر عصام وهو ينظر له لثواني وقال بلهجة تحذير
_
طيب ياريت