رواية براثن اليزيد بقلم ندا حسن
إليهم عمود منزلهم وكبيرهم كان والدهم جميعا
بقى يزيد هناك يومان فالحزن يخيم على الجميع أتت الكوارث خلف بعضها لذا كان عليه البقاء هذه المرة
وبعد كل ذلك لم يجعل فاروق إيمان تعود إلى المنزل لقد طفح كيله منها ولا يريدها إلى الآن مؤكد لن يقوم بالانفصال عنها ولكن قبل خبر مۏت عمه كان يفكر في شيء سيفعله قريبا وسترضخ له هي رغما عن أنفها
سيفعلها قريب سيجعلها تعود مرة أخرى ولكن على الوضع الجديد عليه هو الآخر أن يفعل ما يحلوا له!
بعد أن عاد من الخارج وحضرت هي الطعام جلسوا على سفرة الطعام الخاصة بهم يأكلون بهدوء كما كل يوم يأكلون فيه بالمنزل منذ أن أتى بها إلى هنا وهو كثير من الأيام يتناول معها الطعام في الخارج ليجعلها تشعر بالتغير والسعادة لا يعلم أن السعادة تكون بجواره في أي مكان!
يومك كان عامل إزاي شكلك كده مش مبسوط
زي كل يوم بس الشغل نايم شوية الفترة دي
وضعت يدها على يده الموضوعة على السفرة مبتسمة بهدوء تربت عليها وتحسه على أن كل شيء سيصبح على ما يرام
كله هيبقى كويس يا حبيبي
طول ما أنت معايا يا مروتي
ابتسمت بوجهة برقة شديدة وحب فياض ثم عادت لتناول الطعام وفعل هو المثل وكم كانت هذه من أسعد اللحظات بحياتهم أو بحياة أي شخص آخر أن يكون لك رفيق درب يشعرك دائما أن كل شيء سيكون على ما يرام فهذا قمة السعادة أن يكون لك رفيق درب يشعرك دائما أنه يقف جوارك ويساندك فهذا فائق من الحب وهنيئا لمن يكون رفيق دربه هو حبيبه ورفيق عمره كما يزيد وزوجته
بكرة الجمعة لما هتنزل تجيب طلبات البيت هنزل معاك
سألها باستغراب وجدية هذه أول مرة تريد أن تذهب معه إلى التسوق وجلب طلبات منزلية كما كل أسبوع!
اشمعنى بكرة بالذات يعني عمرك ما نزلتي معايا
ابتلعت الطعام ونظرت في طبقها وهتفت بهدوء دون النظر إليه
هجيب حاجات
مرة أخرى يسألها وهو ينظر إليها وكم كان غبي في هذه اللحظات ألا يرى احمرار وجهها
حاجات خاصة يا يزيد
ابتسم بخبث ومكر كما عادته ثم وقف هو الآخر بيده طبق طعامه وتقدم خلفها إلى المطبخ ليقول باستغراب مصطنع
آه طب ما تكتبي في الورقة بردو وأنا أجيب اللي أنت عايزاه وخليكي هنا
أبتعدت عن رخامة المطبخ ونظرت إليه لتراه يتحدث بجدية حقا! هل هو لا يفهم أقتربت منه وأخذت الطبق من يده لتضعه خلفه على الجزيرة التي بالمطبخ ثم وقفت أمامه مباشرة وتحدثت قائلة بجدية
أومأ إليها برأسه مؤكدا لها
بأن تتسائل عما تريد لتفاجئه بوضع إصبع يدها السبابة بجانب رأسه سائله إياه بتهكم وسخرية
هو هنا فيه ايه قلقاسه
ابتسم بخبث بعد حديثها ليضع ثم تسائل هو الآخر بمكر وعبث وهو يشير إلى مقدمة صدرها بعينه عقب حديثه
وجوا هنا فيه ايه مهلبية
ضيقت ما بين حاجبيها مجيبة إياه بصوت خافض وهي تقترب من وجهه
السفرة وهحضر اتنين قهوة على ما أنت تجيب الكوتشينه وتظبط القعدة علشان وعدتني أنك هتلعب معايا وأنا هكسب وبكرة الجمعة يعني إجازة يعني هنسهر براحتنا وهنقوم براحتنا
ضحك بصخب وهو يبتعد إلى أن وقف بجوار
باب المطبخ خوفا من ردة فعلها المتهورة كالمرة السابقة عندما ألقت عليه كأسا زجاجي به ماء لو لم يتفاده لحطم رأسه
وكل ذلك لأجل أنها تخسر
تحدث وهو يحاول السيطرة على ضحكاته الصاخبة
أنا وعدتك ألعب آه لكن تكسبي
لأ ده بعدك
رآها وهي تبحث عن شيء لتفعل ما توقعه فتحدث سريعا
خلاص خلاص والله مش هقول حاجه بس أنا عندي فكرة حلوة هتكون دافع أنك تكسبي
سألته باهتمام وهي تنتقل في المطبخ تضع الأطباق في حوض الغسيل
ايه هي
ابقي رشمي كويس
نظرت له بضيق وحنق وعادت لتغسل الأطباق الموضوع بحوض الغسيل مرة أخرى ثم نظرت إليه بهدوء وقالت مبتسمة بعد أن داهمتها فكرة ما
لأ اللي يخسر يقول سر التاني ميعرفوش عنه
موافق
تركت ما بيدها وحاصرته بسؤالها الذي كانت تعبث به معه ولكنه أخذه على محمل الجد داخله
موافق ايه أنت مخبي حاجه عني عندك أسرار
توتر من سؤالها ونظرتها العابثة فلم يجد نفسه إلا وهو يرد بسؤال آخر ساخرا منها
يعني هو أنت اللي عندك
آه عندي
نظر إليها بجدية شديدة ثم تحدث قائلا
يبقى هتخسري يا مروة وهعرف أسرارك دي
قالتها بانزعاج شديد وهي تراه يصر على الفوز ليعرف ما السر الذي تحدثت عنه وإلى الآن تمتنع قوله بالدهاء عليه
نظر إليها بنصف عين وتحدث قائلا بمكر غامزا لها بطريقة ملتوية
ولسه مقولتيش السر يا مروتي
أخرجها من انزعاجها بهذه الحركات البسيطة منه التي تجعلها في أسعد لحظات حياتها تحدثت بشجن وحب بعد أن أبعدت هذه الأوراق
سر ايه أنا معنديش أي سر ولا أي حاجه مخبياها عنك إلا حاجه واحدة بس
غيرك مقدرش أقعد لحظة من غير ما أشوفك واسمع صوتك واسمع كلمة بحبك يا مروتي منك
أقتربت أكثر لتضع يدها على جانب صدره الأيسر في موضع قلبه تماما وهي تقول مبتسمة بسعادة كبيرة لوجوده جوارها
يزيد أنت بقيت جزء لا يتجزأ مني مقدرش استغنى عنك بجد مش كلام بلاش تستغل ده ضدي في يوم من
ابتسم باتساع وهو يجلب رأسها ليستقر على صدره يحتضن إياها وهي جالسه جواره يا لها من قلب برئ تعترف بحبها له وعدم قدرتها على العيش بدونه وهو يفعل العكس تماما لا تفشل أبدا في أن تجعل ضميره يعبث معه في كل مرة تتحدث بها
أردف هو الآخر بحب أكبر وحنان يفيض منه وقد لعب الاشتياق دوره ليخرج صوته الأجش قائلا
أنت يا مروة حته مني مقدرش أبعد عنك أبدا ولا أقدر أشوفك پتتوجعي بحس أن أنا اللي جوايا الۏجع مقدرش اعدي وقتي من غير ما أشوف عيونك وألمس شعرك أنت حبيبتي ومراتي وكل حاجه ليا وعد عمري ما اسيبك أبدا عمري يا مروتي
تريد أن تنعم بكل لحظة تمر جواره وهي بهذه السعادة
دموع حزينة للغاية تخرج من مقلتيها بعد تذكر هذا اليوم وهذه اللحظات به تتذكر تلك اللحظات وهو يشاكسها وهو يمزح معها وهو يقول كلمات الغزل لها تتذكره وهو يلقي وعد بألا يتركها كل هذا يضاعف آلامها وچروح قلبها الغائرة كل هذا يجعلها تود أن تخرج من هذا العالم وتذهب إلى عالم الذكريات لتعيش بقية حياتها على ذكراه
وقفت على قدميها ثم ولجت إلى داخل الغرفة وأغلقت باب الشرفة الذي دائما كانت تنسى غلقه بمنزله ثم توجهت إلى الفراش وتمددت عليه وضعت يدها أسفل الوسادة تتحسس رسائله الورقية المكتوب داخلها كلمات
اجتمعت العائلة بعد تناول العشاء في غرفة الصالون نفس الغرفة التي كان يجلس بها الجميع بالسابق هو يبقى قليلا ويخرج وشقيقه المثل وعمه أيضا كل منهم يفعل ما يريد من عمل أو غيره ويتركها مع والدته وزوجة شقيقه ليفعلوا بها ما يحلو لهم ولكن الآن أين كل هذا
نظر إلى شقيقه الذي استمع إليه يقول بحزم يظهر على كل شيء به
عمك ماټ يا يزيد مابقلناش غير بعض أرجع تاني يا يزيد ومراتك هنشيلها فوق دماغها
ابتسم بتهكم رأى الجميع أنه ليس كما السابق تحدث قائلا ليمحي ما فكروا به وليعلموا أن السخرية الآن هي أفضل الطرق للرد
نظر إليه شقيقه باستفهام ولم يفهم أبدا ما الذي يحاول قوله ليكمل هو قائلا
أنا حاسس أني اتنصب عليا كل السنين دي وأنا عايش في كدبة ويوم ما أعمل حاجه كلكم عايزينها أنا الوحيد اللي أخسر أنا وأنت عمرنا ما كنا قريبين من بعض أنت على طول في صف عمك الله يرحمه وأمي معاكم وأنا لوحدي حاجات كتيرة أوي يا فاروق بتمنعني أرجع هنا وأولهم إني بحاول أرجع مراتي ليا وهي عمرها ما هترجع هنا
معه كامل الحق وهناك أيضا أشياء لم يذكرها لقد ندم فاروق كثيرا على بعده عن شقيقه لقد ندم على
ظلمه له وجعله هو الوحيد أمام فوهة المدفع ندم على كل شيء مر بحياته ولم ينسى نظرته إلى زوجة أخيه وهي متعريه من الأساس لم يتركه ضميره لحظة واحدة من بعد نظرته لها لقد ندم كثيرا ويشعر أن المنزل ليس له أساس من دون شقيقه يريده حقا أن يعود ولو مهما كلف الأمر
ولكنه يعلم ذلك لن يحدث
تحدثت والدته بعد صمت طويل وقالت بصوت خافض
طب خليك معانا الشويه دول بس أنا عارفه أنك مش هتوافق تقعد معانا بس على الأقل خليك دلوقت
أومأ إليها بهدوء وهو ينظر إليها بحب يعلم أنها نادمة على ما حدث له بسببهم ولكنه يحبهم أنها والدته وشقيقه ومهما حدث سيبقون كذلك
سألته يسرى بهدوء عن حال زوجته قائلة
مروة عامله ايه يا يزيد في الحمل
عاد إلى ظهر المقعد يستند عليه وهو يبتسم بسخرية متحدثا بجدية
أكدب عليكي لو قولتلك أني أعرف
سألته باستفهام مضيقه ما بين حاجبيها
يعني ايه
مسح على رأسه بهدوء وأغمض عينيه ثم فتحهما مرة أخرى قائلا ب إرهاق شديد
مش عارف يا يسرى كل اللي أعرفه من ميار أنها بتتعب زي أي واحدة حامل
حزنت بشدة شقيقته لقد وصل به الحال أن يعرف أخبارها من شقيقتها! مؤكد أنه يتعذب لقد عرفت أنه يحبها كل ما كان يفعله معها كان يدل على عشقه لها ولكن عندما علمت ما فعله لم تثق به ثم بعد التفكير ورؤية ما حدث وما يحدث تأكدت من عشق أخيها لزوجته تريد أن تعود إليه مرة أخرى لينتهي عڈابه وتعود إليه فرحته مرة أخرى
وقف على قدميه متقدما إلى باب الغرفة بعد أن قال بهدوء
أنا هطلع أرتاح شويه
ثم خرج من الغرفة وتركهم خلفه يسيطر عليهم ما بين الحزن والندم لأجله لأجله هو فقط
بعد مرور أسبوعين
لم يأتي منذ أن طردته وقالت تلك الكلمات القاسېة له لم تستمع صوته ولم يحاول معها من
بعدها هل من الممكن أن يكون فكر في حديثها ويحضر أوراق الطلاق
هل سيتركها حقا لما هي خائڤة إلى هذا الحد من الأساس هذا ما تريده وهو الطلاق والفراق الإبتعاد عنه إلى الأبد!
لا هذا ليس كل تريده أنها لا تريد سواه لا تريد إلا التواجد بالقرب منه والنوم بأحضانه لا تريد إلا هو يكون جوارها في كل لحظة من لحظات حياتها
تقدمت من داخل الشرفة إلى الغرفة لتأخذ الهاتف