الأربعاء 27 نوفمبر 2024

كواسر أخضعها العشق بقلم نورهان العشري

انت في الصفحة 14 من 27 صفحات

موقع أيام نيوز

الآخر
_مستفز. 
سطعت بسمته تلك المرة أقوى وهو يشاهد حنقها الذي تحاول قمعه أكثر فأردف بخشونة قاصدا إسهاب توترها
_أملك الكثير من الخصال التي قد تثيرك أكثر من الاستفزاز.
لم تفلح في الرد عليه فقد دق باب الغرفة معلنا قدوم الطبيب الذي فحصها وأخبرهم بأنها لوت كاحلها بطريقة سيئة وقد يستغرق الأمر أسبوعا قبل أن تستطيع الحركة بسلاسة مرة أخرى وقام بوصف بعض العقاقير التي تساعد في شفائه ومن بينهم مرهما شدد أن يدلك به كاحلها يوميا قبل النوم.
فالتمعت عيناها حين سمعته يقول بفظاظة
_ لا تقلق أيها الطبيب سأتأكد بنفسي من أن يحدث ذلك.
أنهى جملته ثم شكر الطبيب وقام بإيصاله إلى الأسفل ليتركها حانقة على كل ما يحدث معها وخاصة مشاعرها اللعېنة بقربه ولكنه لم يمهلها أكثر من عشر دقائق فقد عاود أدراجه إليها وهو يقول بفظاظة
_الخادمة ستحضر لك طعام
الإفطار هنا ثم ستتناولين أدويتك وترتاحين كما أمر الطبيب.
اغتاظت من لهجته الآمرة ومن هذا العبث والمكر اللذان يزينان نظراته فتعاظم الڠضب بداخلها وتجلى بنبرتها حين قالت
_فقدت شهيتي لا أريد تناول الطعام.
فوجئت حين اقترب منها ليتربع في مواجهتها على السرير وهو يقول بلهجة عابثة
_إذن سأجعلك تستعيديها مرة أخرى.
تحدثت بترقب وهي تنظر إلى عينيه اللتين أظلمتا فجأة
_كيف ذلك!
لم تبتسم ملامحه ولكن عينيه فعلت فتعانقت نظراتهما لثوان قبل أن تجده وثب قائما وهو يغلق أزرار بذلته قائلا بلهجة آمرة
_سأغادر إلى الشركة الآن وسأعود قبل العشاء لا داعي لأن أخبرك أن تتبعي إرشادات الطبيب.
لم تجبه فقد كانت تغلي من الڠضب الذي تعاظم أكثر وهي تجده يرفع إحدى حاجبيه احتجاجا على صمتها فهمست من بين أسنانها
_حسنا.
_هل تتحدث بجدية الآن! هل سنعود غدا!
هكذا صاحت هناء بحنق قوبل بالجمود من ناحيته حين قال باختصار
_نعم.
اهتاجت من فرط الڠضب فلم يمض ثلاثة أيام على بقائهما هنا في هذا المدينة الساحلية الرائعة التي كانت من ضمن أحلامها التي لم تجرؤ حتى على تمني تحقيقها ولكنها تحققت معه والآن وقبل أن تستمتع بوجودها فيها يخبرها بأنهما سيعودان غدا.
حاولت قمع ڠضبها قدر المستطاع واستبدلته بخيبة الأمل التي مزجتها بسحرها الذي مارسته باحترافيه وهي تقترب من سياج صدره 
_أرجوك حبيبي أخبرني أنك تمزح فلم تتح لنا الفرصة للتمتع معا بجمال المكان وأيضا ألم تعدني بقضاء شهر عسل كامل هنا
غمرت السخرية ملامحه وتجلت في نبرته حين قال
_شهرا كاملا هنا! من أين أتيت بهذا الآن أنا حتى بزواجي الأول لم أقض شهرا كاملا برفقة هدى.
ذكر اسم غريمتها كان سهما مشټعلا أضرم نيران الحقد والڠضب بأوردتها فتجمدت يديها على صدره للحظة قبل أن تتراجع باندفاع إلى الخلف وهي تقول بشراسة لم تستطع التحكم بها
_ما الذي أتى على ذكرها الآن ولم تتحدث هكذا هل زوجتك الأولى أفضل مني أم.
قاطعها بفظاظة وهو يحاول قمع فيضان ڠضبها قبل أن يتمادى ويغرقهما
_توقفي يا هناء لا يستدعي الأمر كل هذه الضجة.
هناء بانفعال
_حقا! ذكر اسم زوجتك الأولي بيننا في شهر عسلنا وبتلك الطريقة لا يستدعي!
تفاقم غضبه أكثر فهدر آمرا
_إن قلت لا يستدعى معناها هو كذلك كان الأمر في سياق الحديث فقط ثم إني لا أحب تبرير أي شيء أقوله أو أفعله فلتعلمي هذا.
تجيد لعبة الشد والجذب حتى وأن وجدت الأمور بدأت تحتدم تسلحت بضعفها الذي هو خير وسائلها معه فقامت بإخفاض رأسها مطلقة العنان لعبراتها بالهطول ثم قالت بنبرة جريحة
_حسنا سأجمع أغراضنا حتى لا نتأخر على الطائرة صباح الغد.
سر قوة المرأة في ضعفها فهو القشة التي تقسم جبروت الرجل عن طريق استفزاز غريزته في حماية الأنثى حتى من الحزن فيتقهقر غضبه أمام عبراتها سالكا كل الطرق لمراضاتها
_لا تحزني أعدك سأعوضك عن هذه الرحلة في أقرب وقت.
هكذا تحدث ويده تمتد لتمسك برسغها توقفها عن المضي وحين التفتت تفاجئ من ذلك الحزن الي تبلور في عينيها وتقاسيم وجهها الذي كوبه بين يديه يحاول أن يراضيها فرفرفت برموشها وهي تتحدث بحزن خالطه الدلال
_ لقد أحزنتني في أكثر الأوقات التي من المفترض أن أكون سعيدة بها ولن أسامحك
شاهين بخشونة
_ستفعلين.
_ لن أفعل.
عاندته بدلال فتركها وهو يتوجه إلى الطاولة بجانب السرير ليخرج منها علبة من القطيفة الزرقاء وقام بفتحها لتبرق عيناها تزامنا مع هذا البريق المطل من تلك الإسورة الماسية التي جعلتها تشهق من فرط جمالها
_
يا إلهي لا تقل أنها لي.
شاهين بسخرية
_ حسنا لن أفعل.
قالها وهو يغلق العلبة ليمازحها فقامت بانتزاع العلبة من
بين يديه وهي تصيح
_لا لا إنها لي.
قهقه بصخب على فعلتها واقترب يمازحها قائلا
_ هل ما زلنا متخاصمان!
التفتت تناظره وحين أوشكت على الرد توقفت لثوان واستعادت ملامحها الحزينة قائلة بنبرة يشوبها الأسى
_ أجل ما زلنا.
شاهين بسخط
_هناء لا تطيلي الأمر أكثر 
اقتربت منه بنظرات مغوية ونبرة تشبهها حين قالت
_تبقى أمرا بسيطا بهذا القدر.
كانت تشير بإصبعيها فاستفهم بجفاء
_أخبريني ما هو!
هناء بدلال
_أريد أن نذهب للسهر اليوم رجاء حبيبي لا تقل لا فهذه هي أمنيتي الأخيرة.
بعد مرور خمس ساعات تحدث شاهين باستياء
_هل يمكننا للمغادرة الآن فقد انتصف الليل.
اقتربت هناء تحتويه وهي تتدلل قائلة
_حبيبي دعنا نبقى لبعض الوقت فالحفل ما زال في بدايته.
لون الامتعاض ملامحه قائلا بملل 
_اللعنة على تلك الحفلات.
اقتربت تلثم صدغه في محاولة منها للقضاء على ذلك العبوس الذي يلون تقاسيمه ثم قالت بغنج
_هيا تخلص من هذا العبوس لا يليق بوسامتك حبيبي.
تمطى بكسل وعيناه تطلقان سهاما عابثة قبل أن يقول بتخابث
_الجو أصبح خانقا لذا اريد الرحيل.
_ لك ما تريدين.
تمايلت معه أمام أعين تراقبها بحسد بينما هي تشعر بالسعادة الغامرة كون هذا الرجل يخصها من بين كل هؤلاء النساء.
كانت نائمة على الفراش تتقلب وكأنها تتقلب على جمر مشتعل لا يهدئ أبدا كتلك الأفكار التي تدور برأسها دون أن تجد لها أي إجابة فقد انقلب عالمها رأسا على عقب منذ أن عاد لم تقصد عالمها الخارجي فقط... إنما داخليا لم تعد مستقرة وكأن إعصارا ضربها ففجر بها كوامن الشعور التي لم تختبرها مسبقا... كل شيء أصبح مختلفا لا يشبه ما سبقه شعورها نحوه الذي كان يقتصر على الخۏف فقط تخللته مشاعر أخرى لا تعرف كنهها وتخشاها للحد الذي يجعلها تهرب حتى من التفكير بها.
انتشلها من بحر أفكارها طرق خاڤت على باب الغرفة فأمرت الطارق بالدخول فأطلت هدى برأسها وهي تقول بمرح
_ هل لي أن أدخل!
نور بلهفة
_أجل بالطبع.
دلفت إلى الداخل وأغلقت الباب خلفها متوجهه إلى نور وهي تقول بمزاح
_علمت بأن الأميرة سقطت ولوت كاحلها والأمير الوسيم حملها وطار بها إلى هنا فجئت لأطمئن عليها. 
تفاقمت دقات صدرها حين سمعت كلمات هدى عن أميرها الوسيم ولكنها رسمت الامتعاض على ملامحها وكذلك نبرتها حين قالت
_لا تكوني لئيمة يا هدى ليس أنت.
ابتسمت هدى على كلماتها وقالت تشاكسها
_وأنت لا تكونين خجولة إلى هذه الدرجة فتفضحك وجنتاك فها هو محصول الطماطم بدأ بالظهور.
ابتسمت نور على حديثها وقالت مغيرة الموضوع
_كيف حالك الآن!
تجاهلت الغصة التي تتوسط بلعومها وقالت بجفاء
_كيف أبدو لك!
نور بشجن وهي ترى أبعد مما تريد هدى أن تظهره
_تحاولين التظاهر بأنك بخير.
توقعت أن تجادلها ولكنها فوجئت بهدى التي قالت بجمود
_وهل أنجح في ذلك!
_ بالنسبة لشخص لا يعرفك نعم وبدرجة امتياز ولكن أنا...
قاطعتها هدى قائلة بجفاء
_عزيزتي نور لا أحد يعرفني جيدا حتى أقرب الناس إلي وطبقا لكلامك فإذن أنا على الطريق الصحيح.
تحدثت نور بلهجة مشجبه
_إلى متي ستطول لعبة التظاهر تلك!
هدى بجمود ينافي ألم عينيها
_إلى أن أستعيد نفسي القديمة وأيضا حين أستطيع أن أقف على قدماي دون أن أحتاج إلى أحد.
خربشت أنياب الفضول عقلها لذا قالت مستفهمة
_ ماذا تقصدين!
_سأعمل.
نور بذهول
_ماذا! هل تمزحين!
هدى بسخرية
وأين المزاح في ذلك! ونعم سأعمل حتى أنني بحثت عن عمل في مجال
دراستي ووجدت وسأذهب السبت القادم لإجراء المقابلة.
نور باندهاش من حديثها
_هل يعلم شاهين بذلك! أقصد هل سيوافق!
ولد ذكره شحنات من الڠضب داخلها ولكنها تجاهلتها وهي تقول بلا مبالاة
_لم أفكر بإعلامه وموافقته هي آخر شيء أحتاج إليه.
نور بتعقل
_هدى أنت تشعلين الڼار بينكما أكثر.
هدى پقهر أخفته خلف قناع الجمود حين قالت
_النار كان هو أول من أشعلها وأنا أول من احترق بها والآن لنتبادل الأدوار.
أوشكت نور على الحديث فسبقتها هدى التي قالت باستهلال
_الآن أخبريني كيف هي أحوالك مع فراس!
قشعريرة جارفة اجتاحت جسدها حين سمعت اسمه وازدهر الزيتون بنظراتها ولكنها حاولت الظهور بمظهر اللامبالاة حين قالت
_عادية لا شيء مهم لذكره.
شعرت هدى بأن هناك أشياء أبعد من العادي كما ذكرت نور لذا تدبرت كلماتها حين قالت
_ إن أردت نصيحتي اجعليها غير ذلك.
نور باستفهام
_ماذا تعنين!
واعظتها قائلة
_فراس رجل لا يقدر بثمن فهو شهم ونبيل وأيضا وسيم وذو سلطة ونفوذ... أي امرأة في مكانك ستكون في غاية السعادة لامتلاكها رجلا مثله لذا حاولي أن تجعلي حياتك معه أكثر بهاء لا تعتمدي على عشقه لك فقط.
كانت تركز على كل كلمة تتفوه هدى بها وهي تستعرض ملامحه ونظراته وأفعاله معها ولكن عقلها توقف عند تلك الكلمة التي جعلت قلبها يرتج داخل صدرها للحد الذي جعل حروفها تخرج مرتبكة من بين شفتيها حين قالت
_ماذا! عن أي عشق تتحدثين!
انكمشت ملامح هدى باندهاش تجلى في نبرتها حين قالت
_ماذا بك نور! هل أصبت عقلك حين سقطت! أقصد عشق فراس لك.
للمرة الثانية التي تستمع إلى تلك الجملة التي تفعل الأفاعيل بقلبها الذي رفض هذا التخبط الذي ينتابه كلما ألقيت على مسامعه هذه الكلمات فتشدقت نور ساخرة
_والله لا أعلم من
منا الذي أصيب في عقله! أنت أم أمي فهي أيضا قالت تلك الجملة ولا أعلم على أي مصدر تستند لتتفوه بها والآن أنت.
أجابتها هدى بفطنة
_أنا أتحدث وفق حقائق لامستها بنفسي ورأيتها بعيني.
عاودتها تلك الوخزات التي تفشت في جسدها بالكامل تلك المرة وهي تتحدث بترقب
_أي حقائق تلك! وماذا تقصدين بما رأيته بعينك!
صمتت هدى لثوان قبل أن تعيد سرد أحداث من الماضي
_أتذكر يوم ولادة إياد حين كانت حالتك خطړة كاد أن يجن في الخارج وأخذ يصيح هنا وهناك حتى أصابهم بالهلع فكان طاقم المستشفى بالكامل يدعو لك بأن تلدي بالسلامة حتى أنه لم ينظر إلى إياد حينما أخرجته الممرضة على سريره وكانت أنظاره متعلقة على باب غرفة العمليات وكأنه يتوسل أن تخرجي منها على خير وأيضا كانت تلك المرة الأولى التي أراه ېدخن بها ولم يكن الأمر عاديا فقد
استهلك علبة تبغ كاملة في مدة لا تتعدى الثلاث ساعات في تقييمي كانت محاولة للاڼتحار من جهته.
قالت جملتها الأخيرة بسخرية ولكن نور كانت في عالم آخر مع ذكرياتها في هذا اليوم فهي استيقظت وجدت الممرضة بجانبها وبعدها توافدت عليها العائلة بأكملها وكان هو آخر من جاء لزيارتها واكتفى
13  14  15 

انت في الصفحة 14 من 27 صفحات