كواسر أخضعها العشق بقلم نورهان العشري
حين سمعت كلماته الهوجاء إلى الفتاة التي هرولت إلى الخارج مذعورة... فتفاجأت به يلتفت وهو يناظرها بعينين أعماهما الڠضب الذي تجلى في نبرته وهو يقول بشراسة
_أقسم لك إن تفوهت بحرف واحد سأريك كيف يكون الجنون وسأقوم بسڤك دماء ذلك الوغد أمام عينيك الآن.
شهقة مذعورة خرجت من جوفها حين رأت مظهره المرعب وكلماته المروعة التي كانت أكثر من كافية لجعل أعصابها ټنهار فقد كان يوما عصيبا... ولم تعد تحتمل لذا همست بنبرة مخټنقة بفعل محاولاتها لقمع انفجارها في البكاء أمامه
نفذت كلماتها إلى منتصف قلبه الذي ارتج من فرط الألم الذي أتقن تجاهله وهو يرتدي ثوب الڠضب الذي تجلى بعروقه التي نفرت بصورة مرعبة لم تؤثر فيها بل احتدت لهجتها أكثر وهي تصيح
_لا أنا ولا ابنتي بحاجة إليك لذا ليس مسموحا لك بالتواجد هنا.
كان رجلا باردا لا يغضب بسهولة ولكن اليوم استنفذ مخزون صبره لسنوات قادمة فقد بلغ غضبه الذروة.
قال جملته الأخيرة بصړاخ انتفض له جسد الصغيرة التي أفزعها صراخه فأخذت تبكي بذعروهرولت تحتوي الصغيرة بين يديها وهي تهدهدها بحنو يتنافى مع نظراتها المستاءة نحوه فتجاهله متسلحا بالجمود في مواجهتها.
_شاهين هيا استيقظ فأنت نائم منذ ثلاث ساعات.
عينيه اللتين وقعتا على هناء ليجدها ترتدي ملابس سهرة فجعد ما بين حاجبيه وهو يقول
_ لم هذه الثياب الآن!
هناء بغنج
_لقد وعدتني أن تعوضني عن شهر عسلي و هذان اليومان اللذان امضيتهم مع الصغيرة في المشفي وانا هنا وحيدة وأيضا لقد مللت من الجلوس بالمنزل لنخرج للسهر قليلا اه .. و لتجلب لي العقد الخاص بتلك الإسورة فأنا سأموت لأكمل الطقم.
_لا يوجد لا عقد ولا
خروج هيا بدلي هذه الثياب فغدا لدي مرافعة وأريد أن أنام جيدا حتى أستطيع الاستيقاظ مبكرا.
لم تحتمل جفاءه وذلك القيد الذي يحكمه حولها لذا صاحت دون احتراز
_شاهين لا تفعل ذلك أرجوك... لا خروج ولا دخول ولا نقود ولا مجوهرات لقد مللت.
قالت جملتها الأخيرة بصوت أشبه بالصړاخ فلم يستطع الصمت أكثر خاصة وهو يحمل كل هذا الڠضب بداخله فهتف بجفاء
فطنت لفداحة ما تفوهت به وخاصة بعد أن فوجئت من لهجته وملامحه التي كانت ممتعضة كثيرا فحاولت التبرير بلهجة أهدأ
_وما الذي يغضبك في ذلك أنا أتجمل لأجلك.
_عزيزتي هناء لم بكل مرة نتحدث بها بأمر حيوي تفعلين ذلك وينتهي الأمر بنا هكذا!
صاعقة قوية ضړبتها فزلزلت ثباتها وخاصة حين أكمل بقسۏة
صمت لثوان قبل أن يردف بفظاظة
_لا تحصري تفكيرك في العلاقة فقط نعم إنها من أساسيات الزواج ولكن هناك أمور أخرى لها نفس أهميتها أيضا.
تحدثت بنبرة فاقدة لكل معاني الصبر
_ما الذي تريده من هذا الحديث!
_أريد المشاركة والسکينة أريد الهدوء يكفي ذلك الصخب الذي يسيطر على حياتنا.
امتقع وجهها وشعرت برغبة قوية في الصړاخ بوجهه ولكنها اكتفت قائلة
_هل مللت مني!
لم يتوان عن مصارحتها قائلا باختصار
_نعم ولهذا أردت تنبيهك.
بدأت بفقدان أعصابها تدريجيا فتحدثت بانفعال
_هل تفكر بالزواج علي!
لم يستطع تحمل نظرتها السطحية للأمور وأسلوبها الغبي في التفكير.. فصاح متأففا
_يا إلهي كيف يصل الحديث إلى عقلك!
تساقطت عبراتها التي بدت حقيقية فلم يتأثر إنما تحدث بجفاء قائلا
_أخبرتك ما افتقدته بزواجي الأول... ولا أريد تكرار نفس الأخطاء بزواجي منك افهمي.
استفهمت بانفعال
_ إذن أخبرني بصراحة ما الذي تريده!
شاهين بخشونة
_أريد الراحة أريد زوجة محبة تشاركني هواياتي تنتظرني عندما أعود من العمل تهدهدني كطفل صغير حين أغضب أستطيع أن أخبرها بمشادة قمت بها مع سائق تاكسي لعين قام بالكسر علي أثناء القيادة دون أن تمل من حديثي بل تستمع إلي وكأنها تملك كل الوقت لفعل ذلك.
صمت لثوان وصورتها تتبختر أمام عينيه لتزيد من ألمه ولكنه حاول طرد شبحها وتلك النظرات المعاتبة التي أمطرته بها ودقق النظر في عيني هناء قائلا بتقريع
_أريد دفء وسکينة أن أشعر أنني مهم في حياة زوجتي لا حافظة نقود متنقلة.
لم يعجبها حديثه فلم يكن يشبهها ولا يشبه تطلعاتها فصاحت بانفعال
_ألم تخبرني أنك تريد أن تعيش حياتك كما يحلو لك تفعل كل شيء چنوني بعيد عن قيود عائلتك! لقد كنت تريد ذلك الصخب الذي تشكو منه الآن ألم تقل هذا نصا أريد امرأة شغوفة تمتلك روح ثائرة لتجعل حياتي مبهجة!
شاهين بندم
_نعم قلت هذا ولكنني كنت مخطئا فلم يكن ذلك ما أحتاجه من امرأتي لقد أردت امرأة حنونة تسكب بقلبي الطمأنينة وتروي تربته بحنانها الذي لم أتذوقه مع أقرب الناس لي.
كان يقصد والدته.. بينما هي ظنت أنه يقصد هدى فاهتاجت أعصابها وجن چنونها... فصاحت بانفعال
_لا تأتي على ذكر تلك المرأة أمامي مرة أخرى فلتذهب إلى الچحيم ونرتاح منها فأنا لم أعد أحتمل.
قطعت جملتها تلك الضړبة القوية التي سقطت فوق وجهها فأدارته للجهة الأخرى تزامنا مع صوته القاسې حين قال
_إياك أن تتحدثي عنها بهذا السوء مرة أخرى وإلا اقتلعت لسانك من مكانه.
مر من الزمن سبعة أيام خارجيا لم يحدث بها ما يذكر ولكن كان الجميع ېحترق بصمت أما فراس
كان يعاند كبريائه ويحاول قمع مشاعره العاتية نحوها
فقد وضعتها الحياة أمام مطرقة الاختيار ما بين واجبها تجاه والدها ومشاعرها القوية تجاهه والذي رفضت هي الأخرى تسميتها وتركتها تحت طائلة الرغبة الحسية فقط.
جاء الصباح مشرقا كملامحها التي تأسره للحد الذي يجعل عيناه تنتشي برؤيتها وتتملكه رغبة قوية في إخفائها عن جميع الأعين فهي الوحيدة القادرة على إنهاء تلك الصراعات المحتدمة بقلبه وتلك الحيرة التي تلازمه وضجيج تساؤلاته هل يسحبها إلى عالمه المظلم كما فعل هاديس مع برسيفوني ويخفيها عن الأعين! أم يتركها ويترك نفسه لها تسحبه بنورها إلى عالمها الوردي!
أم يخبرها كل شيء ويترك لها حرية الاختيار طافت عيناه على تقاسيم وجهها التي لا يمل من تأملها أبدا وخاصة عيناها التي كانت كنافذة تطل على الجنة جنته التي اشتاقها كثيرا فتحركت أنامله بخفة على قسماتها لتستيقظ وتشرق بشمسها على عالمه المظلم
س
_إذن هل غير هاديس نشاطه الليلي وأصبح يأتي في
الصباح الباكر!
غمرت ملامحه بسمة جميلة زينتها لهجته الشغوفة حين قال
_ما رأيك لو أسحبك إلى عالمي كما فعل هاديس مع بريسفوني!
همست تداعبه
_تتفوق على هاديس بنقطة فهو فقد خدعها أما الآن أنت تخيرني أم أنني مخطئة!
ظاهريا كانت تمازحه ولكن هناك استفهاما يطل من عينيها اللتين لا يستطيعا إلا الامتثال أمام طغيانهم وقد كان ذلك هو الخضوع الأول له في الحياة لذا قال بخشونة
_لم يخدعها هاديس فقد أحبته.
قاطعته مصححة
_لم يخبرها ماذا ينتظرها في عالمه وإلى أي درجة يمتد ظلامه.
_وإن أخبرها هل كان ليشكل فارقا في مشاعرها نحوه!
_على الأقل كانت ستشعر بأنها ليست مرغمة على شيء فإن اختارته فسيكون ذلك بملء إرادتها.
أظلمت نظراته لثوان قبل أن يقترب واضعا قب سطحية فوق جبهتها قبل أن تجده يغادر السرير ناصبا عوده متجها إلى باب الغرفة ولكنه الټفت قائلا بفظاظة
_سأنتظرك في المكتب بعد نصف ساعة من أجل العمل.
أومأت بصمت وهي تشاهده يخرج مغلقا الباب خلفه فشعرت بقلبها الذي كان يئن بداخلها من فرط الخۏف ولكنها حاولت طمأنته وهي تتذكر حديثها مع عمها زين قبل أربعة أيام.
عودة إلى وقت سابق...
_كيف حالك عمي!
هكذا تحدثت بخفوت إلى زين الذي كان يجلس في الحديقة يقرأ أحد الكتب وما إن سمع صوتها حتى الټفت يناظرها بحنان تجلى في نبرته حين قال
_أهلا بك يا نور أنا بخير أنت كيف حالك!
نور بهدوء
_بخير هل أزعجتك!
زين بلهفة
_لا أبدا هيا تعالي لنجلس معا فالجو جميل اليوم.
أطاعته وهي تجلس على يمينه بينما ترك هو الكتاب من يده وهو يقول باهتمام
_أخبريني كيف تسير أمورك مع فراس!
فوجئت من السؤال الذي بدا وكأنه يشغل تفكير الجميع فلم يتبق أحد لم يسألها عن أمورها معه.
_لا أقصد التطفل فقط أردت الاطمئنان أن الأمور بينكما على ما يرام بعد ما حدث.
فطنت إلى ما يرمي إليه فرسمت ابتسامة هادئة على ملامحها وقالت بلهجة شابها التردد
_آه أجل لا تقلق نحن بخير.
شعر بترددها في الإجابة فاحتضن كفوفها التي تبسطها أمامها على الطاولة وهو يناظرها بحنان أبوي
_رجاء أخبريني إن كان هناك شيء.
لامست فعلته جدران قلبها وكذلك نبرته الحانية فحاولت التماسك قدر الإمكان قبل أن تقول بتأكيد
_لا تقلق عمي.
شعر بتأثرها واهتزاز جفونها من فرط ما تحمله من عبرات فحاول صرف انتباهها حين
قال مازحا
فاجأته حين قالت مستفهمة
_وهل يجرؤ أحد على فعل ذلك!
لم يخفي اندهاشه من استفهامها الذي قابله بآخر
_هل لك أن توضحي أكثر!
نظفت حلقها قبل أن تقول نبرة ملحة لمعرفة الإجابة
_هل يستطيع أحدهم الوقوف بوجه فراس النعماني أو التصدي له!
ضيق زين عينيه وقال باندهاش
_ما هذا الكلام نور!
اعتدلت في جلستها وأخذت تفرك كفيها ببعضهما البعض وهي تتلو مخاوفها دون احتراز
_ إنه فقط... أنا... يعني أقصد منذ أن كنت صغيرة وأنا أجد الجميع يهابه يخشى مواجهته بعمري لم أر أحد يعارضه أو يجرؤ على قول لا أمامه.
زين باستفهام
_وهل يزعجك الأمر!
كيف تخبره بما تشعر به من ضياع! كيف تصيغ مخاوفها تجاهه! وتخبطاتها برفقته فهو الشخص الوحيد الذي تشعر بالأمان معه حيث لا أحد سيجرؤ على أذيتها أو المساس بها عداه هو الشخص الوحيد الذي يمكنه أذيتها دون أن يردعه أحد.
كان وجهها مرآة لما تشعر به لذا اختار زين أن يجيبها على تساؤلاتها ويحد من حيرتها تلك
_أنت مخطئة عزيزتي نور نحن لا نهاب فراس نحن فقط نحترمه كونه شخص جدير بالاحترام فهو يحمل على عاتقه أعباء عائلة بأكملها وهنا لا أقصد الشركات والمصانع وما شابه ولكن هو يحمل هموم الجميع وإن ټأذى أي شخص منا ففراس قد يهدم الدنيا لأجله فهو تحمل الكثير من أجل سلامة الجميع تماما كوالده فقد كنا جميعا نحترمه ونقدره لأنه كان يستحق.
بدأ شعور من الراحة يتسرب إلى داخلها شيئا فشيئا من حديث عمها ولكن بقى الكثير مما تتوق
إلى معرفته كما أن هناك الكثير من الثغرات التي تود إغلاقها إلى الأبد لذا قالت باستفهام
_لم لم تتولى أنت أو أبي إدارة شؤون العائلة بعد ۏفاة عمي رفيق! أقصد لم فراس! فأنت وبابا تكبرانه ومن المؤكد أنكما تتفوقان عليه من ناحية الخبرة بحسب العمر.
توقع هذا السؤال منها فابتسم قبل أن يجيب ببساطة
_سأخبرك أمرا قد يدهشك ولكن لا أنا ولا والدك