الأربعاء 04 ديسمبر 2024

رواية ميراث الندم للكاتبة امل نصر

انت في الصفحة 88 من 181 صفحات

موقع أيام نيوز


حتى همت أن تتناول عبائتها لتخرج لاستقباله ولكن عقلها عاد اليها حينما نظرت إلى شاشة الهاتف لتعلم ان الساعة تعدت الواحدة صباحا وإن خرجت مندفعة برغبتها المچنونة الان سوف تجلب على رأسها المشاكل وهي في غنى عن أي شيء الان يعطلها يكفيها عڈاب الانتظار 
زفرت تخرج تنهيدة بعمق ما تحمله داخلها من عڈاب لتلتف بخطوات متأنية حتى جلست على طرف التخت تعود بذاكرتها لهذا اليوم الذي تم به ما يشبه ميثاق العقد بينها وبينه قبل ان يسافر وذلك عقب فسخ خطبتها من ابن عمها عارف مباشرة

روح اخيرا جيتي يا روح
هتف سائلا بلهفة ينهج بلهاث بعد أن وجدها جالسة اسفل شجرة التين التي جاءت اليها برفقة شقيقته هاربة من ملاحقة الجميع من أفراد عائلتها بعد اتخاذها هذا القرار المؤلم والمفاجئ والذي دفعت ثمنه ايام من المړض جعلت شقيقها يضطر تحت الضغط أن ينصاع لرغبتها ويخسر من أجلها صداقة اقرب الاشخاص من ابناء عمومته عارف ابن عمها والذي كان نصيبه البائس ان يقع في عشق امرأة لا تبادله المشاعر وقد مرت فترة خطبتها به حتى كانت كالحبل الذي يطوق رقبتها يزيدها اختناقا يوما بعد يوم حتى فاض بها ولم تعد لديها قدرة على التحمل 
دنى على عقبيه يجلس مقابلا لها بأعين ترقرق بها الدمع يسألها بلوعة
شهور وانا محرم نفسي حتى ما اعدي جمب البيت عشان ما شوفكيش واتوجع ودلوك لما اسمع بعودتك الاجيكي دبلانة كدة ايه اللي حصلك يا روح
تبسمت له بشحوب وجاء الرد من شقيقته
جايمة من دور عيا يا عمر عايزها تبجى كيف
سمع منها وبنبرة حانية اختلطت بوجعه
سلامتك يا غالية من كل شړ امرض انا سنة ولا يوم واحد تتعبيه انتي 
بعد الشړ عليك متجولش كدة 
قاطعته على الفور ودون انتظار لتغزو ابتسامة سعيدة ملامحه بعد ان سمع صوتها اخيرا وبهذا الرد الذي أثلج صدره لتنهض جميلة من جوارهما تستأذن بحجة مكشوفة
انا هروح ابص هناك على أي حد بيحش برسيم في زرعته امي موصياني اجيبلها باط كبير عشان وكل الطير ثواني ومش هتأخر 
تبسم هو ينظر في أثرها مغمغما
عندها زوج والله البت دي طلعت بتفهم 
انا فسخت خطوبتي بعارف عشانك 
باغتته بها حتى طالعها مشدوها للحظات حتى اسبل اهدابه فجأة ليعتدل بجلسته متربعا موجها أنظاره في نفس وجهتها وقد تهدلت أكتافه بقنوط حتى اخرج زفير يأسه قائلا
المفروض ان ابجى أسعد واحد دلوك لكن للأسف العجز وجلة الحيلة مانعين عني حتى الأمل 
طالعته غاضبة لتردف بانفعال مكتوم
انا بجولك اتجدم وملكش دعوة بأي حاجة 
ومين يتكفل باالجوازة يا روح ليكون مفكراني راجل مدلدل وهرضى بمليم واحد من عيلتك دا انا ادفن نفسي احسن 
يعني برضوا هتجعد ساكت وتسيبني اروح لغيرك انا فاض بيا ومن سلبيتك خليك على حالك يا عمر ولا اجولك انا هريحك مني خالص 
قالتها وتحاملت على كفيها لتنهض من جلستها على الأرض وفور ان وقفت على أقدامها فاجئها بقوله
جاتني فرصة عمل في الخليج 
طالعته باستفهام فتابع شارحا
انا مسافر ومشواري طويل يا روح الراجل اللي هيسفرني هياخد نص مرتبي لحد ما اخلص دينه عليا لأني للأسف هسافر على حسابه دا غير اني ملزوم ابعت لأهلي ومتخلاش عنهم يعني مشواري طويل على ما اجدر اللم جرش يمكني من فعل أي حاجة لنفسي مش جادر اجولك استنيني اخاڤ اظلمك 
بس انا هستناك 
حتى لو كنتي ناوياها من جلبك برضوا مش هلوم عليكي لو شوفتي نصيبك مع حد يستاهلك انتي دلوك اربعة وعشرين سنة عمرك من عمر جميلة ودي مخطوبة زي ما انتي عارفة وخلاص فرحها جرب 
تابعت له بعزم مؤكدة
برضوا هستناك يا عمر ومش هخلف بوعدي معاك
عادت من شرودها لترفع كفها أمام وجهها تمتم بلوعة
خمس سنين خمس سنين انجطعوا من عمري وانا دلوك على بعد خطوة واحدة بس واعدي التلاتين سبحان من صبرني ع اللي فات وسبحان من يجملني للي جاي
خرج من غرفة الاستقبال التي امتلأت عن اخرها بالرجال المهنئين بعودته من بلاد الغربة ليمر على عدد من النساء الاتي التقطنه بالسلامات والقبلات ايضا فهذا شيء عادي بالنسبة للنساء المتقدمات في العمر فكان يقابلهم بالابتسام والردود الممتنة
نفذ منهم بأعجوبة متعللا بإرهاقه حتى خرج من الباب الخلفي يجلس على المصطبة الرخامية يقلب في شاشة هاتفه يتبادل معها الرسائل للاتفاق على موعد للقاءها قبل اتخاذ أي أجراء رسمي 
ااه يا عمر حتى وانت معاها في نفس البلد برضك لسة في الرسايل اللعېنة دي ابو العوايد الزفت 
غمغم بصوت خاڤت قبل ان يجفل رافعا رأسه على ظل صغير 
تطلع للفتاة التي كانت واقفة مواجهة له مباشرة ذات بشړة سمراء بلمعة ناعمة جاذبة للعين وأعين واسعة كالفنجان على ملامح دقيقة ووجه دائري طفولي خطت داخلهم بخط الكحل لتزيدهم روعة ولكنها كانت تطالعه بجرأة غريبة طالعها باستفهام يخمن
 

87  88  89 

انت في الصفحة 88 من 181 صفحات