رواية ميراث الندم للكاتبة امل نصر
بعيناه
هحفظ حج المسكين جبل ما يجور عليه الظالم
بعد عدة أيام
خرجت شربات من غرفتها تتغنج بخطواتها بالعباءة المنزلية الضيقة امام أنظار زوجها المتابعة لها وهو يشاهد التلفاز في وسط الصالة وحوله أولاده مالك أكبرهم والذي سيدخل عامه السابع عشر بعد عدة ايام اسراء في العاشرة ورغد في السادسة
فايز كنت عايزاك بس تيجي تبص على الشاشة اللي جوا حاساها باظت باين ولا ايه!
يا راجل بجولك تعالى شوف العطل اللي في الشاشة ما سامعنيش
صمت قليلا ثم زفر بضيق وهو يدفع بذراع الشيشة لينهض عن مقعده على مضض ليأمر أولاده وهو يخطو متحركا من جوارهم
صدر صوت مالك خلفه باعتراض
هو درس وهنحفظه يا أبوي المسلسل ده شوفناه يجي مية مرة
التف برأسه إليه يحدجه بنظرة محذرة هاتفا
اياك تلمس الريموت يا مالك ولا تجلب على قناة الأفلام الاجنبي اخواتك البنتة بيتفرجوا معاك يا بارد
دفع مالك بالمتحكم أمامه يزفر بسخط غير متقبل لتحكمات والده والذي يفعل ضد ما يتكلم عنه على الدوام والدليل هو القنوات الأجنبية المنفتحة ذات الاشتراك الشهري الذي لا يحرم نفسه منها أبدا خصوصا في المساء يعتقده أبله ولا يعرف هذه الأشياء الممتعة له
يا راجل ما تسيب الواد لحاله بجى وتعالى معايا عايزة أوريك حاجة حلوة جوي
تحرك معها يرد بضيق
بتجريني كيف البهيمة بيدك خبر ايه يا مرة انتي
كل خير يا راجل!
قالتها بابتسامة متسعة واستسلم فايز لإلحاحها مضطرا وهو يدعو ألا يكلفه طلبها هذه المرة الكثير فهو الأعلم جيدا بأسلوبها حينما تبتغي منه شيء
مش تفهمها لوحدك بجولك عايزاك في كلمة لازم نفضح الدنيا جدام العيال
افتر ثغره بابتسامة صفراء قبل أن يقترب من تخته ويجلس على طرفه يقول بسأم
نعم يا شربات جولي يا للا عايزني في إيه
مصمصت بشفتيها تدعي العتب لهذا الفتور منه ثم ذهبت من أمامه تزيد من الميل بخطواتها حتى خزانة الملابس لتخرج منها منامة بلون فيروزي قصيرة جدا لفتت انتباه زوجها الذي استغرب بداخله بكيفية ارتدائها على جسدها البدين فانتقلت عيناه إليها ليرى الحماس الذى اعتلى وجهها فقال مدعي اللهفة رغم استغرابه
زاد المرح على وجهها وهي تعيد تفحص منامتها بفرحة غامرة وتشرح له عن ثمنها ونوعية قماشها الحريري الذي تزداد لمعته مع الإضاءة المبهجة للغرفة وهو يستمع ويصبر نفسه على مضض ثم سألها على عجالة ليأتي بنهاية الحديث وقد حفظ وأصابه الملل من المقدمات
عايزة ايه من الاخر يا شربات
تركت المنامة من يدها لتطبق ثغرها وهي تقترب لتجلس بجواره قائلة بعتاب
مط شفتيه ببلاهة وعدم فهم قبل أن ينهض مقبلا رأسها ليعتذر
أسف يا حبيبتي مبروك عليكي الجديد
هم ليتحرك ولكنها جذبته من مرفقه توقفه
طب ومستعجل على ايه وراك الديوان
هتف بها بنفاذ صبر
وايه لزوم جعدتي جمبك المسلسل شغال وجرب يخلص
شددت عليه أكثر مرددة بتصميم وإلحاح
دجيجة بس ومش هأخرك هو طلب صغير
زفر بضيق وسأم لهذه المماطلة المتعمدة وقد تأكد صدق ظنه منها ثم وضع يده في جيب جلبابه يخرج الحافظة ليسألها مباشرة
عايزة كام
ترددت قليلا قبل أن تفاجئه بطلبها
عايزة غسالة أطباج
توقفت يداه ونظر إليها مضيقا عيناه يسألها باستفسار
أطباج ايه مش انتي عندك غسالتين للهدوم واحد عادي والتانية توامتيك
دفعته فجأة ليجلس بجوارها تخاطبه بلهجة مقنعة
يا حبيبي افهمني فيه فرج بين غسالة الهدوم والتانية بتاعة الحلل والمواعين مرتك ضهرها انكسر في غسيلهم طول اليوم وانت مش عايز تجيبلي خدامة
قالت الأخيرة بلهجة منكسرة لم توثر به بل زادت
من حنقه ليظل متطلعا لها بغيظ مكبوت قبل أن يرد من كازا على أسنانه
خبر ايه هو انت فاكرة جوزك شغال دكتور ولا مستشار عايزة خدامة وجوزك ملاحظ في مصنع يا بنت منشاوي التنح دا انا مش جادر على مصاريفك ولا مصاريف عيالك هكفيكي كمان خدامة ادفعلها مرتب شهري
عبس وجهها لتردف بلهجة منكسرة يملؤها اللوم
دي مجرد أمنية يا فايز لكن انا مش طالبة منك غير غسالة الأطباق عشان تغنيني عنها عايزة مساعدة يدي معدتش متحملة شغل البيت زي الأول انا تعبت حرام الاجي مساعدة
رد فايز وهو يتفتت غيظا وقد فهم لعبتها
وعشان كدة بتخيرني بين اني اجيب خدامة او اشتري الغسالة اللي بتجولي عليها صح ولا لا يا شربات
أطرقت برأسها صامتة تنتظر رده وهي توقن داخلها بموافقته حتى