الأحد 22 ديسمبر 2024

رواية صړخة على الطريق للكاتبة ډفنا عمر

انت في الصفحة 27 من 30 صفحات

موقع أيام نيوز

قبل أن يذهب صائحة بحدة جسار انا مش بهزر أنا عايزة اطلق وكل واحد فينا يروح لحاله.
حاله!
قالها وزجاج نظرته الجامدة يتشقق ويبرق ويشتعل شرر غضبه المكبوت منذ يومان الحال ده اللي هو ايه بالظبط إنك تتجوزي غيري وتخلفي ولاد مش مشوهين وتعيش حياتك هو ده حالك اللي بتتكلمي عنه يا شمس! ده اللي انتي عايزاه فعلا وهتقدري تعمليه
رغم إنكسارها تمسكت ببرود وجهها وقټلت بنبرة ثلجية دي حاجة تخصني لوحدي.. اتجوز او
لأ هيفرق معاك ايه 
ثم نظرت له بنظرة مهتزة عكست مشاعرها الحانية المهم انت تتجوز غيري وتحقق منها حلمك وتعمل عيلة مش ده كلام الدكتور ياجسار قال
طول ما احنا سوا مش هنجيب ولاد كويسين.
رمقها مليا بنظرة مبهمة ثم قبض بغتة علي ذراعها پعنف ألمها مع صوته الحاد مالكيش دعوة بيا أنا راضي وعلي چثتي حد غيري يلمسك انتي هتفضلي مراتي وعلى ذمتي لحد ما اموت فاهمة!
ودون أن يشعر صار يدمغها بقبلات عڼيفة توثق امتلاكه لها قولا وفعلا حتي لو كان أناني نحوها لن يتركها احتواءه لهل كان قاسېا وللغريب لم ټقاومه أو تنفر من قسوته بل هدهدت جنونه بلمساتها الحانية حتى استكان لها لتتخلي لمساته عن الحدة وهو يضمها بحب هامسا أنا راضي بكل حاجة إلا اني اتحرم منك يا شمس مهما حصل مش هسيبك ولا هسمحلك تبعدي عني .
اطلقت عنان بكائها أخيرا على صدره بعد تمسكه وإعصاره الذي كان خير دليل على حبه الجارف لها ليتلقى بكائها بصبر وتركها حتى أفرغت ما بداخلها وهدأت فأرقدها بين ذراعيه وهي كطفلة صامتة مستسلمة قبل أن تهمس لو سبتك عمري ما كنت هتجوز.. أنا اقترحت كده عشانك.
لثم أناملها واحد تلو الأخر قبل أن يرد همستها 
للمرة المليون بقولك اني راضي.. و متأكد إن ربنا هيعوضنا..و كفاية عليه عرفت أهلي و بقى ليا عيلة تخصني..و الحمد لله علي حكمته.. 
نظرت له بدهشة انت بجد مش ناقم علي اللي بيحصل يعني و لا مرة قلت في نفسك ليه بيحصل معايا كده ولا قلت اجرب مع غيرها واجيب ولاد 
و الله ما حصل و لا
هيحصل..أنا مؤمن بقضاء ربنا.
طالعته بحب يسيل من عيناها ثم مالت تقبل موضع قلبه مع همستها بحبك. 
ابتسم 
هرد عليكي بطريقتي لتبتسم و هي تتلقي سيل عاطفته وارتشفته قطرة قطرة وداخلها تحمد الله انه تمسك بها ولن يتخلي عنها و اخيرا تخلصت من أكبر كوابيسها أن يتركها يوما. 
بعد مرور قرابة الأربع سنوات..
نديم.. تعالى هنا كمل أكلك تعبت ماما معاك.. 
صاحت سارة وهي تركض وراء طفلها الأول لاهثة ليأتي أدم من خلفها بالراحة يا سارة ازاي تجري كده انتي ناسية انك حامل في الشهر الخامس
تذمرت بضيق أعمل ايه يا أدم ابنك شقي اوي إن ماكنتش اجري وراه عشان ياكل مش بياكل خالص. 
غمغم بربتة حانية طب هاتي وانا هخليه ياكل وانتي ارتاحي..ثم صاح علي طفله ديمو..تعالى لبابا حبيبك ولا مش عايز تروح لجدو وتيتة بكره.. 
هرول عليه الصغير وراح يلتهم الطعام بعد أن حصد وعدا
من أبيه بزيارة والدي أدم في اليوم التالي..
ابتسمت وهي تطالعه مستكين علي قدم أبيه هاتفة شوفت الندالة بيسمع كلامك وأنا لأ كاني شفافة.
شاكسها ده من الهيبة حبيبتي.
رفعت حاجبيها بعدوانية قصدك ايه شايفني تافهة
قهقة ولكز وجنتها ماتزعليش انتي عسل. 
هزت رأسها وهي تبتسم له وسريعا ما غامت عيناها بشرود ليلاحظها متسائل سرحتي في ايه 
في أخويا جسار وشمس صعبانين عليا اوي يا أدم تلات مرات تحمل من أول جوازها وينزل الجنين مشوه أخرهم من سنة أنل قلبي بيتقطع عشانهم. 
تنهد مشاركا إياها مشاعر الحزنوالله انا كمان بزعل عشانهم بس هنقول ايه ده نصيب ومكتوب يا سارة ولازم يرضوا بقضاءه.
ونعم بالله ربنا يقر عينهم ولو بطفل واحد سليم. 
والله ما بعيد علي ربنا.. انتي ادعيلهم.. 
مش ببطل دعاء يا أدم ربنا عالم. 
ربت على كتفها وتمتم يبقي تفائلي خير ياحبيبتي.. 
ثم لثم خد ابنه بحنان مع قوله شايفة ديمو شطور ازاي خلص طبقه كله وجدو أمين هيتبسط منه خالص.
ابتسمت وجذبته إليها لتعانقه مين حبيب ماما 
الصغير وهو يشير لنفسه أنا.. 
طب ليه بتتعبني أنا والنونو.. 
نقل بصره بين أمه وبطنها وقال نونو هنا 
أيوة بس لسه هيكبر. 
شرد الصغير يفكر بعمق ليغمغم أدم الذي يراقبه باستمتاع أكيد بيتخيل البيبي في بطنك دلوقت.. فكرني بمشهد فيلم الحفيد عارفاه
ضحكت قائلة طبعا فيلم الحفيد كله علامة ماتتنسيش في طفولتنا كلنا.. 
نهض من جوارها متأهبا لرحيله طب أنا نازل المكتب يا سيرو عايزة حاجة 
لا ياحبيبي سلامتك ماتتأخرش بالليل. 
حاضر يا قلبي.. سلام. 
في إحدي دور الأيتام!
بابا جسار جه.. بابا جسار جه.
هكذا تقافزوا الصغار وهم يهرولون نحوه وقد أتاهم محملا بالهدايا گعادته متلقفهم بذراعيه ليصيح أولهم ابن الستة أعوام فين ماما شمس مش جت معاك ليه
معلش ياحبيبي ماما شمس تعبانة شوية وكان صعب تيجي معايا. 
فصاح طفل أخر ذو تسعة أعوام يتباهي أمامه بما أنجزه أنا حفظت جزء عم يا بابا جسار.. 
هتف بنبرة حانية ونظرة فخر منحها لصغيره ماشاء الله ياشيخ هادي.. خلاص تاخدوا الهدايا الأول وبعدين تسمعني القرآن بصوتك الجميل.
بدأ جسار يوزع عليهم هداياه ثم لاحظ غياب إحدى أطفاله فقال أمال فين اختكم دارين 
نكسوا رؤسهم بحزن فانقبض قلبه قائلا ايه يا ولاد مالكم هي دارين تعبانة 
قال أحدهم وأكبرهم عمرا لا يا بابا بس في ناس جم
أخدوها من تيتة صفاء وقالوا هتعيش معاهم على طول وتبقي بنتهم.
تجهم وجه جسار بحزن وهو يفقد أحد أبناؤه كما يعتبرهم وسريعا ما غادرهم متوجها لغرفة مديرة الدار
السيدة صفاء.. 
السلام عليكم.
رفعت وجهها عن إحدى الملفات المشرعة أمامها مجيبة تحيته بود وابتسامة بشوش و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا سيد جسار.. اتفضل.. 
غمغم وهو يأخذ مكانه قبالتها صحيح يا مدام صفاء في أسرة أخدت دارين تعيش معاهم 
ابتسمت وأدركت سبب تجهمه أيوة.. أسرة محترمة وربنا مش كرمهم بولاد كفلوا دارين و أخدوها تعيش معاهم.
طب و حضرتك ضامناهم يعني افرضي عاملوها وحش وأذوها نفسيا زي ما ساعات بنسمع.. 
أخبرته بهدوء و ليه يعملوا كده و هما محرومين من الضنا أكيد هيعوضوا بيها النقص اللي في حياتهم ويتقوا الله فيها..
ابتسم بمرارة و هو يتذكر معاناته الشخصية و قال مش يمكن الأم ربنا يكرمها وتحمل في طفل و بعدها تعامل المسكينة وحش و تحسسها بالغربة!
عدلت نظارتها الطبية غليظة الإطار فوق أنفها قائلةحسب علمي ان مستحيل يخلفوا لأن في موانع صعبة عند الزوجين يعني اطمن يا سيد جسار و بعدين انا بتابع حياة الأطفال حتى بعد خروجهم من الدار وبكتب شرط اساسي في التعاقد بنا ان لو ثبت اي ضرر للطفل أو الطفلة من حق الدار تستعيده لكنفها تاني..و هما وافقوا و مضوا على الشرط.
رمقها بشرود ومقطفات مما عاشه تغزوا خياله لتستطرد بقولها انا كمان
بحب كل أطفال الدار ومتعلقة بيهم جدا ولو مالقيتش ان العيلة اللي بتيجي تكفلهم كفء و يستحقوا مش بوافق اطمن يا سيد جسار.
هز رأسه بتسليم وقال طيب ممكن اعرف عنوانها فين عشان أسأل عليها 
أومأت له بترحيب أكيد طبعا ثم رمقته بتقدير وقالت بصراحة ربنا يجازيك خير انت ومدام شمس على اللي بتبذلوا عشان الولاد سواء ماديا أو معنويا.. 
تمام بنظرة غائمة صدقيني اللي بناخده من الأولاد دي أكتر بكتير من اللي بنمنحه ليهم يا مدام صفاء.. 
و واصل قبل مغادرته عموما حضرتك كمان بتقدمي ليهم كتير ربنا يقدرنا كلنا نرعاهم و نوصلهم لبر الأمان. 
اللهم امين. 
غادر الدار و الضيق يعتصر قلبه و يدميه و صغيرته دارين ربما تعيش نفس ما عاشه هو من قبل وهو يتسول الحنان مما ظنهما أبويه ليتها ضلت مع من تتشابه ملامح أقدارهم بذات التفاصيل و المعالم أيتام مثلها لو بيديه لما سمح لأحد صغار بمغادرة الدار هناك يرعاهم كما يجب ماذا عساه بفاعل حين ينفرط عقد ترابطهم و يذهب كلا منهم لمصيره وحياته!
تنهيدة حاړقة زفرها جسار وهو يقود سيارته نحو عنوان الصغيرة ليقرر شيئا بضميره جعله يقف ويصف السيارة ويبتاع شيء ما ثم يعود مستأنفا القيادة لوجهته
مين يا رحيمة
أجابت الأخيرة على سيدة المنزل بقولها
ده واحد بيقول جاي من طرف الدار يا ست ياسمين هانم.. 
اقبلت السيدة رامقة جسار بفضول قائلة تحت أمرك أي خدمة 
جسار بتهذيب أنا أسف للإزعاج بس انا جاي اشوف دارين. 
رمقته بريبة ما تعلمه أن الصغيرة ليس لها أقارب فترجمت ريبتها بسؤال ايوة وحضرتك مين وتقرب لها ايه
بابا جسار 
ركضت الطفلة من خلفها عابرة الباب بينهما لترتمي بين ذراعيه هاتفة بحماس وترحيب صادق وحشتني اوي يا بابا جسار.. انا دعيت ربنا بالليل أشوفك عشان كده انت جيت.. هصلي واشكر ربنا كتير أوي.. 
تلقفها معانقا إياها برفق وهو جاثي أرضا ثم نظر للسيدة متمتما أنا أسف لحضرتك بس اسمحيلي اكلم دارين شوية هنا في الجنينة قدامك واطمني أنا مش غريب عنها زي ما سمعتي أنا في مقام والدها.. 
حدجته السيدة ياسمين مليا وقيمته بنظرة ثاقبة غير غافلة عن عناق الطفلة له بقوة وفرحة واضحة فاطمئنت له ومنحته
سماحها طيب حضرتك تقدر تتفضل هنا وتتكلم معاها براحتك ثم نظرت للخادمة قدمي ضيافة مناسبة للبيه يا رحيمة.
هذب شعرها برفق وهو يقول عاملة ايه ياحبيبتي مبسوطة هنا الناس اللي هنا بيعاملوكي كويس في حد زعلك منهم 
نفت الصغيرة لا محدش زعلني خالص يا بابا.. ماما ياسمين و بابا حسن بيحبوني و بيعاملوني كويس.. مفيش حاجة مضايقاني غير اني مش بشوف اخواتي في الدار وحضرتك انت و ماما شمس و تيتة صفاء.
ملس جسار على رأسها بحنان و قال متزعليش يا حبيبتي أنا وماما شمس هنزورك هنا دايما أما اخواتك في الدار أكيد في طريقة تشوفيهم بس لازم تستأذني بابا و ماما الجداد ثم التقط الحقيبة من جواره و قال انا جبتلك حاجات حلوة زي اخواتك ثم احضر من جيبه هاتف صغير و قال و هو يرصد المحيط حوله خدي يا دارين ده تليفون عليه رقمي ورقم تيتة صفاء..أي حاجة وحشة تحصل معاكي و تضايقك لازم تعرفينا و احنا هنساعدك.. فاهمة حبيبتي 
أومأت الصغيرة أيوة يا بابا فاهمة طيب حضرتك هتيجي تاني تشوفني
هاجي إن شاء الله.
قال أنا همشي دلوقت وقريب جدا هاجي أزورك مع ماما شمس
اتفقنا
أتفقنا يا بابا جسار.
مين هيدي حضڼ لخالو
هرول عليه الصغير نديم ابن شقيقته ملبيا نداءه فالتقطه جسار بلهفة حانية وهو يقول روح خالوا اللي كبر وبقي راجل كبير.. 
ثم. راح يدغدغه ليقهقه نديم وسارة تأتي من خلفه متدللة عليه يا سلام هو نديم بس اللي وحشك يعني 
ابتسم ولمعت عينه بحنان وبسط لها ذراعه الأخر زاي بقا
26  27  28 

انت في الصفحة 27 من 30 صفحات